قَالَ الإِمَامُ: إِذَا اسْتُحِيضَتِ الْمَرْأَةُ فَجَاوَزَ دَمُهَا أَكْثَرَ الْحَيْضِ، فَهِيَ إِنْ كَانَتْ مُمَيِّزَةً بِأَنْ كَانَتْ تَرَى زَمَانًا دَمًا أَسْوَدَ ثَخِينًا قَوِيًّا، ثُمَّ تَرَى رَقِيقًا مُشْرِقًا، فَزَمَانُ الدَّمِ الْقَوِيِّ حَيْضُهَا تَدَعُ فِيهِ الصَّلاةَ وَالصَّوْمَ، فَإِذَا تَغَيَّرَ إِلَى الرِّقَّةِ وَالإِشْرَاقِ، فَهُوَ زَمَانُ الاسْتِحَاضَةِ، عَلَيْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، وَتُصَلِّيَ، وَتَصُومَ، ثُمَّ بَعْدَهُ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاةٍ فَرِيضَةٍ إِلَى أَنْ يَأْتِيَ زَمَانُ الدَّمِ الْقَوِيِّ فَتَدَعُ الصَّلاةَ، وَهَذَا مَعْنَى حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، لأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَقُولُ لَهَا: «فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ، فَاتْرُكِي الصَّلاةَ» إِلا وَهِيَ تَعْرِفُ إِقْبَالَهَا وَإِدْبَارَهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «إِذَا كَانَ دَمُ الْحَيْضَةِ، فَإِنَّهُ أَسْوَدُ يُعْرَفُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَأَمْسِكِي عَنِ الصَّلاةِ».
وَقَالَ مَكْحُولٌ: النِّسَاءُ لَا يُخْفَى عَلَيْهِنَّ الْحَيْضَةُ إِنَّ دَمَهَا أَسْوَدُ غَلِيظٌ، فَإِذَا ذَهَبَ ذَلِكَ، وَصَارَتْ صُفْرَةً رَقِيقَةً، فَإِنَّهَا مُسْتَحَاضَةٌ، فَلْتَغْتَسِلْ وَلِتُصَلِّ.
وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ أَنَّهَا تَعْمَلُ بِالتَّمْيِيزِ، وَلا تَنْظُرُ إِلَى عَادَتِهَا، لأَنَّ فِي الْعَمَلِ بِالتَّمْيِيزِ اعْتِبَارًا لِشَيْءٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute