للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا مِلْؤُهَا، فَأَمَّا النَّارُ، فَلا تَمْتَلِئُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ فِيهَا رِجْلَهُ، فَتَقُولُ: قطّ قطّ.

فَهُنَالِكَ تَمْتَلِئُ، وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ، وَلا يَظْلِمُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا، وَأَمَّا الْجَنَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ يُنْشِئُ لَهَا خَلْقًا ".

هَذَا حَدِيثٌ مُتَّفَقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، أَخْرَجَهُ مُحَمَّدٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّد، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، كِلاهُمَا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

قَوْله: «قطّ قطّ»: حَسْبُ.

وَقَوْلُهُ: «إِنَّمَا أَنْتِ رَحْمَتِي»، سَمَّى الْجَنَّةَ رَحْمَةً، لأَنَّ بِهَا تَظْهَرُ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ، كَمَا قَالَ: «أَرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ»، وَإِلا فَرَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صِفَاتِهِ الَّتِي لَمْ يَزَلْ بِهَا مَوْصُوفًا، لَيْسَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى صِفَةٌ حَادِثَةٌ، وَلا اسْمٌ حَادِثٌ، فَهُوَ قَدِيمٌ بِجَمِيعِ أَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ جَلَّ جَلالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ.

قُلْتُ: والقدم وَالرجلَانِ الْمَذْكُورَان فِي هَذَا الْحَدِيث من صِفَات اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، المنزه عَنِ التكييف والتشبيه، وَكَذَلِكَ كُلّ مَا جَاءَ من هَذَا الْقَبِيل فِي الْكِتَاب أَوِ السّنة كَالْيَدِ، والإصبع، وَالْعين، والمجيء، والإتيان، فالإيمان بِهَا فرض، والامتناع عَنِ الْخَوْض فِيهَا وَاجِب، فالمهتدي من سلك فِيهَا طَرِيق التَّسْلِيم، والخائض فِيهَا زائغ، وَالْمُنكر معطل، والمكيف مشبه، تَعَالَى اللَّه عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ علوا

<<  <  ج: ص:  >  >>