قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ: «لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلا ذَاكَ» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُهَا غَيْرُ قَضَائِهَا، وَالْآخَرُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي نِسْيَانِهَا غَرَامَةٌ، وَلا زِيَادَةُ تَضْعِيفٍ، وَلا كَفَّارَةٌ مِنْ صَدَقَةٍ، وَنَحْوِهَا، كَمَا تَلْزَمُ فِي تَرْكِ الصَّوْمِ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ الْكَفَّارَةُ، وَكَمَا تَلْزَمُ الْمُحْرِمَ إِذَا تَرَكَ شَيْئًا مِنْ نُسُكِهِ فِدْيَةٌ مِنْ دَمٍ أَوْ إِطْعَامٍ، إِنَّمَا يُصَلِّي مَا تَرَكَ سَوَاءً.
وَلَيْسَ هَذَا عَلَى الْعُمُومِ حَتَّى يَلْزَمَهُ إِنْ كَانَ فِي صَلاةٍ أَنْ يَقْطَعَهَا، وَلَكِنْ مَعْنَاهُ: أَنْ لَا يُغْفِلَ أَمْرَهَا، وَيَشْتَغِلَ بِغَيْرِهَا، فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّهُمْ لَمَّا نَامُوا عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ، ثُمَّ انْتَبَهُوا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُودُوا رَوَاحِلَهُمْ، ثُمَّ صَلاهَا.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إِذَا ذَكَرَ الْفَائِتَةَ فِي وَقْتِ النَّهْيِ صَلَّى وَلَمْ يُؤَخِّرْ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ أَحَدًا لَا يُصَلِّي عَنْ أَحَدٍ كَمَا يَحُجُّ عَنْهُ، وَأَنَّ الصَّلاةَ لَا تُجْبَرُ بِالْمَالِ كَمَا يُجْبَرُ الصَّوْمُ.
قُلْتُ: وَذَهَبَ أَصْحَابُ الرَّأْيِ إِلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَفِي ذِمَّتِهِ صَلاةٌ يُطْعَمُ عَنْهُ.
قَلْتُ: وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْفَوَائِتَ تُقْضَى مُرَتَّبَةً، وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رُوِيَ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَسِيَ صَلاةً فَلَمْ يَذْكُرْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute