قَوْلُهُ «أُمِرَ بِلالٌ» أَيْ: أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَنَّ الأَذَانَ شَرِيعَةٌ، وَالأَمْرُ الْمُضَافُ إِلَى الشَّرِيعَةِ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُضَافُ إِلَى غَيْرِهِ.
وَقَوْلُهُ: «وَيُوتِرُ الإِقَامَةَ» يَعْنِي أَلْفَاظَ الإِقَامَةِ الَّتِي هِيَ شَفْعٌ فِي الأَذَانِ لَا لَفْظَ الإِقَامَةِ نَفْسِهَا.
قُلْتُ: أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَالتَّابِعِينَ، عَلَى إِفْرَادِ الإِقَامَةِ، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمَكْحُولٍ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ، وَمَالِكٌ، الأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَرَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ حَكَاهُ سَعْدٌ الْقَرَظُ، وَكَانَ قَدْ أَذَّنَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَيَاتِهِ بِقُبَاءَ، ثُمَّ اسْتَخْلَفَهُ بِلالٌ عَلَى الأَذَانِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ انْتَقَلَ إِلَى الشَّامِ فِي زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَانَ يُفْرِدُ الإِقَامَةَ، وَجَرَى بِهِ الْعَمَلُ فِي الْحَرَمَيْنِ، وَالْحِجَازِ، وَبِلادِ الشَّامِ، وَالْيَمَنِ، وَدِيارِ مِصْرَ، وَنَوَاحِي الْمَغْرِبِ.
وَمَنْ قَالَ بِإِفْرَادِ الإِقَامَةِ يُثَنِّي قَوْلَهُ: «قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ» لِمَا رَوَيْنَا مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
٤٠٦ - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، نَا شُعْبَةُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ مُسْلِمِ أَبِي الْمُثَنَّى، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: إِنَّمَا كَانَ الأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، وَالإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً، غَيْرَ أَنَّهُ يَقُولُ: «قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ، قَدْ قَامَتِ الصَّلاةُ»، فَإِذَا سَمِعْنَا الإِقَامَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute