وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يُدْرِكُهُ الْمَسْبُوقُ مِنْ صَلاةِ إِمَامِهِ هُوَ أَوَّلُ صَلاتِهِ، وَإِنْ كَانَ آخِرَ صَلاةِ الإِمَامِ، لأَنَّ الإِتْمَامَ يَقَعُ عَلَى بَاقِي شَيْءٍ تَقَدَّمَ أَوَّلُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ عَلِيٍّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ، وَمَكْحُولٌ، وَعَطَاءٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزُّهْرِيُّ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَذَهَبَ مُجَاهِدٌ، وَابْنُ سِيرِينَ، إِلَى أَنَّ الَّذِي أَدْرَكَ آخِرُ صَلاتِهِ، وَمَا يَقْضِيهِ بَعْدَهُ أَوَّلُهَا، وَبِهِ قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا»، وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَلَى مَا قُلْنَا.
وَمَنْ رَوَى «فَاقْضُوا» فَقَدْ يَكُونُ الْقَضَاءُ بِمَعْنَى الأَدَاءِ وَالإِتْمَامِ، كَقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا} [الْجُمُعَة: ١٠] وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [الْبَقَرَة: ٢٠٠] وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُ قَضَاءَ شَيْءٍ فَائِتٍ، فَكَذَلِكَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: «فَاقْضُوا» أَيْ: أَدُّوهُ فِي تَمَامٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute