للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمِنْهَا الْعَيُّوقُ، وَهُوَ كَوْكَبٌ مُضِيءٌ يَطْلُعُ قَبْلَ الثُّرَيَّا بِقَلِيلٍ مِنْ جَانِبِ الشِّمَالِ، فَيَكُونُ وَقْتُ طُلُوعِهِ فِي نُقْرَةِ قَفَا الْمُصَلِّي.

وَكَذَا رَأْسُ النَّاقَةِ، وَيُقَالُ لَهُ: الْكَفُّ الْخَضِيبُ، يَكُونُ طُلُوعُهُ قَبْلَ الْعَيُّوقِ فِي نُقْرَةِ قَفَا الْمُصَلِّي، وَالشِّعْرَى الْعَبُورُ، وَهُوَ كَوْكَبٌ مُضِيءٌ أَزْهَرُ، يَكُونُ طُلُوعُهُ عَلَى يَسَارِ الْمُصَلِّي.

قُلْتُ: وَالتَّوَجُّهُ إِلَى عَيْنِ الْكَعْبَةِ وَاجِبٌ لِمَنْ كَانَ بِمَكَّةَ، أَمَّا مَنْ غَابَ عَنْهَا، فَإِنْ كَانَ فِي بَلَدٍ أَوْ قَرْيَةٍ اتَّفَقَ أَهْلُهَا الْمُسْلِمُونَ عَلَى جِهَةٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الْجِهَةِ فِيهَا، بَلْ عَلَيْهِ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي اتَّفَقُوا عَلَيْهَا، وَلَهُ أَنْ يَجْتَهِدَ فِي الانْحِرَافِ يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً.

وَإِنْ كَانَ فِي مَفَازَةٍ، أَوْ بِلادِ الشِّرْكِ، فَاشْتَبَهَتِ الْقِبْلَةُ عَلَيْهِ، يَجِبُ أَنْ يَجْتَهِدَ، وَهُوَ أَنْ يَطْلُبَ الْقِبْلَةَ بِنَوْعٍ مِنَ الدَّلائِلِ، وَيُصَلِّي إِلَى الْجِهَةِ الَّتِي أَدَّى إِلَيْهَا اجْتِهَادُهُ، وَلا إِعَادَةَ عَلَيْهِ، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [الْبَقَرَة: ١١٥].

حَكَى الْمُزَنِيُّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ فِي هَذِهِ الآيَةِ: فَثَمَّ الْوَجْهُ الَّذِي وَجَّهَكُمُ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَيْ: قِبْلَةُ اللَّهِ.

وَقِيلَ فِي قَوْلِهِ: «مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ» فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ إِذَا الْتَبَسَ عَلَيْهِ الأَمْرُ.

وَالْمَطْلُوبُ بِالاجْتِهَادِ عَيْنُ الْقِبْلَةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ الثَّوْرِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: جِهَتُهَا.

وَحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: «الْبَيْتُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الْمَسْجِدِ، وَالْمَسْجِدُ قِبْلَةٌ لأَهْلِ الْحَرَمِ، وَالْحَرَمُ قِبْلَةُ أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ»، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>