الْقِرَاءَةَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا} [الْإِسْرَاء: ١١٠] قِيلَ: مَعْنَاهَا: الْقِرَاءَةُ، وَقَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَقُرْءَانَ الْفَجْرِ} [الْإِسْرَاء: ٧٨] أَيْ: صَلاةُ الصُّبْحِ، فَسَمَّى الصَّلاةَ مَرَّةً قُرْآنًا، وَالْقُرْآنَ مَرَّةً صَلاةً، يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى تَفْضِيلِهِ الْفَاتِحَةَ، وَحَقِيقَةُ هَذِهِ الْقِسْمَةِ مُنْصَرِفَةٌ إِلَى الْمَعْنَى، لَا إِلَى مَتْلُوِّ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَةَ، نِصْفُهَا ثَنَاءٌ، وَنِصْفُهَا مَسْأَلَةٌ وَدُعَاءٌ، وَقِسْمُ الثَّنَاءِ يَنْتَهِي إِلَى قَوْلِهِ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الْفَاتِحَة: ٥] وَبَاقِي السُّورَةِ دُعَاءٌ.
وَيَسْتَدِلُّ بِهَذَا الْحَدِيثِ مَنْ لَا يَرَى التَّسْمِيَةَ آيَةً مِنَ الْفَاتِحَةِ، لأَنَّهُ لَمْ يَبْدَأْ بِهَا، وَإِنَّمَا بَدَأَ بِـ {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الْفَاتِحَة: ٢].
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهَا، فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى هَذَا، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ، وَعَلَيْهِ قُرَّاءُ الْمَدِينَةِ، وَالْبَصْرَةِ، وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّهَا آيَةٌ مِنَ الْفَاتِحَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَبِهِ قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَعَطَاءٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الثَّوْرِيُّ، وَابْنُ الْمُبَارَكِ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَإِسْحَاقُ، وَعَلَيْهِ قُرَّاءُ مَكَّةَ، وَالْكُوفَةِ، وَأَكْثَرُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَاحْتَجُّوا بِمَا
٥٧٩ - أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ الْهَاشِمِيُّ، أَنَا أَبُو عَلِيٍّ اللُّؤْلُئِيُّ، نَا أَبُو دَاوُدَ، نَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، نَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الْمُخْتَارِ بْنِ فُلْفُلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute