عرَّف الخطيبُ المجهولَ عند أصحاب الحديث بقوله:«هو كل مَن لم يشتهر بطلب العلم في نفسه، ولا عرفه العلماء به، ومَن لم يُعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد»(١).
وهذه العبارة تحتمل معنيَيْن:
المعنى الأول: أنه لا بد حتى يُطلَق على الراوي أنه مجهول أن يتحقق فيه أمران؛ الأول: عدم شهرته بطلب العلم، والثاني: ألَّا يروي عنه إلا راوٍ واحد. فلا بد حتى ترتفع الجهالة عن الراوي أن يكون مشهورًا بطلب العلم، وأن يروي عنه أكثر من واحد في نفس الوقت.
المعنى الثاني: أنه لكي يكون الراوي مجهولًا، لا بد أن يكون غير مشهور بطلب العلم، فإذا لم يكن مشهورًا، فلا بد ألَّا يروي عنه إلا راوٍ واحد. أما إذا اشتهر بطلب العلم - ولو لم يروِ عنه إلا واحد - فليس بمجهول.
ولعل المعنى الثاني هو المراد، وبه فسَّر السخاوي عبارة الخطيب فقال:«الشهرة بالعلم والثقة والأمانة كافية في رفع الجهالة، بل نقله الخطيب في «الكفاية» عن أصحاب الحديث؛ فإنه قال: المجهول عند أصحاب الحديث هو من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه، ولا عرفه العلماء به، ومن لم يُعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد. يعني: حيث لم يشتهر» اهـ بتصرف يسير.