للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- تعفُّفه:

كان - رحمه الله - عفيفًا، غير مُتطلِّع إلى الدنيا وزخرفها، ولا إلى ما في أيدي الناس، قال الفضل بن عمر النَّسَوي: «كنت بجامع صور عند أبي بكر الخطيب، فدخل علوي وفي كمِّه دنانير، فقال: هذا الذهب تصرفه في مهمَّاتك. فقطَّب في وجهه، وقال: لا حاجة لي فيه. فقال: كأنك تستقلُّه. وأرسله من كمِّه على سجادة الخطيب، وقال: هذه ثلاثمائة دينار. فقام الخطيب خجلًا مُحْمرًّا وجهه، وأخذ سجادته، ورمى الدنانير، وراح. فما أنسى عزَّه وذلَّ العلوي وهو يلتقط الدنانير من شقوق الحصير» (١).

- كرمه:

لقد كان الخطيب كريمًا معطاءًا، مُعينًا طلبةَ العلم بما يستطيع من مال، قال السبكي: «كان للخطيب ثروة ظاهرة، وصدقات على طلاب العلم دارَّة، يهب الذهب الكثير للطلبة» (٢).

وقال العلامة أبو زكريا التبريزي اللُّغوي المعروف: «دخلتُ دمشق، فكنتُ أقرأ على الخطيب بحلقته بالجامع كتبَ الأدب المسموعة، وكنتُ أسكن منارة الجامع، فصعد إليَّ وقال: أحببتُ أن أزورك في بيتك. فتحدَّثنا ساعة، ثم أخرج ورقة، وقال: الهدية مستحبَّة، تشتري بهذا أقلامًا. ونهض، فإذا خمسة دنانير مصرية، ثم صعد مرة أخرى، ووضع نحوًا من ذلك» (٣).


(١) «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٢٧٧).
(٢) «طبقات الشافعية» (٤/ ٣٤).
(٣) «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٢٧٨).

<<  <   >  >>