ذكر الخطيب خلاف العلماء في قبول خبر المدلِّس، ثم ذكر الصحيح عنده، فقال في «الكفاية»: «قال فريق من الفقهاء وأصحاب الحديث: إن خبر المدلِّس غير مقبول؛ لأجل ما قدَّمنا ذكره من أن التدليس يتضمن الإيهام لِمَا لا أصل له، وترك تسمية من لعله غير مرضي ولا ثقة، وطلب توهُّم علو الإسناد، وإن لم يكن الأمر كذلك.
وقال خلق كثير من أهل العلم: خبر المدلِّس مقبول؛ لأنهم لم يجعلوه بمثابة الكذَّاب، ولم يَرَوُا التدليس ناقضًا لعدالته، وذهب إلى ذلك جمهور مَن قَبِل المراسيل من الأحاديث، وزعموا أن نهاية أمره أن يكون التدليس بمعنى الإرسال.
وقال بعض أهل العلم: إذا دلَّس المحدِّث عمن لم يسمع منه ولم يلقه، وكان ذلك الغالب على حديثه، لم تُقبَل رواياته، وأما إذا كان تدليسه عمن قد لقيه وسمع منه فيدلِّس عنه رواية ما لم يسمعه منه، فذلك مقبول بشرط أن يكون الذي يدلِّس عنه ثقة.
وقال آخرون: خبر المدلِّس لا يُقبل إلا أن يورده على وجه مبيَّن غير محتمل للإيهام، فإن أورده على ذلك قُبِل.