للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

شرح الخطيب لكلام النقاد

بيَّنتُ في المبحث السابق سعة اطلاع الخطيب - رحمه الله - على كتب نقد الحديث ورجاله وتأثره بنقاد الحديث، ولا شك أنه قد درس هذه الكتب دراسة متأنية، واستوعبها استيعابًا كاملًا، فكان من أحسن الناس فهمًا لكلام النقاد، فنراه يشرح كثيرًا من أحكامهم المشكلة وألفاظهم الغامضة، فمن أمثلة ذلك:

- المثال الأول:

روى الخطيب في ترجمة سعيد بن داود الزَّنْبَري (١)، عن عبد الله بن علي بن المديني قال: سمعت أبي يقول: كتبت عن الزَّنْبَري أحاديث عن مالك من أخبار الناس، ولو كان رواها عن أبيه!

قال أبي: ولقد حسبت سنَّه فإذا هو قد كان رجلًا، وكان أبوه أجود الناس منزلة من مالك، وضعَّفه.

ثم فسَّر الخطيب قوله: «ولو كان رواها عن أبيه!» قائلًا: «يعني: كان ذلك أقرب لحاله، واحتُملت روايته لها، فلما رواها عن مالك استعظم عليٌّ ذلك واستنكره» (٢).


(١) هو صدوق له مناكير عن مالك، ويقال اختلط عليه بعض حديثه، وكذَّبه عبد الله بن نافع في دعواه أنه سمع من لفظ مالك، مات في حدود (٢٢٠ هـ). «تقريب التهذيب» (ص: ٢٣٥ رقم ٢٢٩٨).
(٢) «تاريخ بغداد» (١٠/ ١١٥ - ١١٦).

<<  <   >  >>