للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- المثال الأول:

روى الخطيب في ترجمة موسى بن عيسى البغدادي من طريق أحمد بن عيسى بن محمد الوَشَّاء، قال: حدثنا موسى بن عيسى البغدادي بالرملة سنة خمسين ومائتين قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا بكى اليتيم وقعت دموعُه في كفِّ الرحمن تعالى، فيقول: مَن أبكى هذا اليتيم الذي واريتُ والديه تحت الثرى؟ من أسكته فله الجنة».

ثم قال: «هذا حديث منكر جدًّا، لم أكتبه إلا بإسناده، ورجاله كلهم معرفون إلا موسى بن عيسى، فإنه مجهول، وحديثه عندنا غير مقبول» (١).

وموسى بن عيسى لم يزد الخطيب في ترجمته له على قوله: «حدَّث بالرملة»، ثم ذكر له هذا الحديث، ولم يذكر له راويًا إلا أحمد بن عيسى الوَشَّاء المذكور في هذا الحديث وهو ضعيف (٢)، ولذلك حكم عليه الخطيب بالجهالة، وحكم على الحديث بأنه منكر جدًّا؛ لتفرد هذا المجهول عن مثل الحافظ المتقن المشهور يزيد بن هارون، على كثرة ما له من التلاميذ والأصحاب؛ فلو حدَّث به يزيد لتسابقوا إلى روايته، ولم ينفرد به هذا المجهول، ولذلك فقد اتهمه


(١) «تاريخ بغداد» (١٥/ ٣٥). ورواه ابن الجوزي في «الموضوعات» (١٠٧٧)، والذهبي في «تذكرة الحفاظ» (٤/ ٤)، وفي «سير أعلام النبلاء» (١٨/ ٥٧١) كلاهما من طريق الخطيب به.
(٢) هو أحمد بن عيسى بن محمد بن عبيد الله أبو العباس الكِندي الكُتبي الصوفي المقرئ المعروف بابن الوشاء، قال مسلمة في «الصلة»: «انفرد بأحاديث أُنكرت عليه لم يأت بها غيره، شاذة، كتبت عنه حديثًا كثيرًا، وكان جامعًا للعلم، وكان أصحاب الحديث يختلفون فيه؛ فبعضهم يوثقه، وبعضهم يضعفه». وضعفه الدارقطني. ينظر: «لسان الميزان» (١/ ٥٧١).

<<  <   >  >>