للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال قوم: الحدُّ في السماع خمس عشرة سنة، وقال غيرهم: ثلاث عشرة.

وقال جمهور العلماء: يصح السماع لمن سنُّه دون ذلك، وهذا هو عندنا الصواب» (١).

وأما في حالة الأداء: فالبلوغ شرط في صحة الرواية عند الخطيب، وقد حكى إجماع الأمة على ذلك (٢).

قال الخطيب: «قد ذكرنا حكم السماع، وأنه يصح قبل البلوغ، فأما الأداء بالرواية فلا يكون صحيحًا يلزم العمل به إلا بعد البلوغ» (٣).

- والشرط الثالث: العقل:

وهو شرط في صحة الرواية عند الخطيب، وحكى إجماع الأمة على ذلك.

قال الخطيب: «ويجب أيضًا أن يكون الراوي في وقت أدائه عاقلًا مميِّزًا، والذي يدل على وجوب كونه بالغًا عاقلًا ما أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر، حدثنا محمد بن أحمد اللؤلؤي، حدثنا أبو داود (٤)، حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا وُهَيب، عن خالد، عن أبي الضحى، عن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «رُفِعَ القلمُ عن ثلاثة، عن النائم حتى يستيقظَ، وعن الصبي حتى يحتلِمَ، وعن المجنون حتى يعقلَ» (٥).


(١) «الكفاية» (ص: ٥٣ وما بعدها).
(٢) سيأتي حكايته الإجماع في الشرط الثالث.
(٣) «الكفاية» (ص: ٧٦).
(٤) «سنن أبي داود» كتاب الحدود، باب في المجنون يسرق أو يصيب حدًّا (٤/ ١٤١ رقم ٤٤٠٣).
(٥) رواه الترمذي، كتاب الحدود، باب ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد (٤/ ٣٢ رقم ١٤٢٣)، والنسائي في «السنن الكبرى»، كتاب الرجم، باب المجنونة تصيب الحد (٦/ ٤٨٧، ٤٨٨ رقم ٧٣٠٣، ٧٣٠٤، ٧٣٠٦)، وابن ماجه، كتاب الطلاق، باب طلاق المعتوه والصغير والنائم (١/ ٦٥٩ رقم ٢٠٤٢)، من عدة طرق عن علي - رضي الله عنه - به مرفوعًا.
وحسنه الترمذي، وصححه ابن خزيمة في «صحيحه» كتاب الصلاة، باب ذكر الخبر الدال على أن أمر الصبيان بالصلاة قبل البلوغ على غير الإيجاب (٢/ ١٠٢ رقم ١٠٠٣)، وابن حبان في «صحيحه» كتاب الإيمان، باب التكليف (١/ ٣٥٦ رقم ١٤٣)، ورجَّح النسائي أن الصواب أنه موقوف على علي - رضي الله عنه -. وينظر: «التلخيص الحبير» لابن حجر (١/ ٣٢٨).

<<  <   >  >>