للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منه». قالت عائشة: فقبَّلتُ أنفَه وما بين عينيه، فقال: «حَسْبُكِ يا عائشةُ، فمَن لستِ بأُمِّه فواللهِ ما أنا بنبيِّه، فمن أراد أنْ يتبرَّأ من الله ومني فليتبرَّأ منكِ يا عائشةُ».

ثم قال الخطيب: «لا يثبت هذا الحديث، ورجال إسناده كلهم ثقات، ولعله شُبِّه لهذا الشيخ القطان، أو أُدخِل عليه، مع أني قد رأيتُه من حديث محمد بن بابشاذ البصري، عن سلمة بن شبيب، عن عبد الرزاق، وابن بابشاذ راوي مناكير عن الثقات، وقد كان في أصل ابن المُذْهِب أحاديث صالحة عن هارون القطان عن البغوي، وكلها مستقيمة» (١).

فهذا الحديث في متنه نكارة شديدة، غيرُ بعيد عن الوضع، ورواته كلهم ثقات، ولذلك فقد التمس له الخطيب علةً يطعن بها فيه، فوجد أنه من رواية هارون القطان وهو ثقة؛ حيث روى عنه ابن المُذْهِب عن البغوي أحاديث مستقيمة كما يقول الخطيب، إلا أنه لم يكن ضابطًا للحديث كما ينبغي.

فقد سأل الخطيبُ ابن المُذْهِب عنه، فقال: «لم يكن ممن يُظَنُّ به الكذب، ولا تلحقه التُّهمة؛ لأنه لم يكن ممن يتصدَّى للحديث ولا يُحسنه، وكان من أهل القرآن والخير» (٢).

ولذلك ذهب الخطيب إلى أنه ربما يكون بعض الكذَّابين قد أدخل هذا الحديث عليه، فاشتبه عليه، وظن أنه من حديثه فحدَّث به.


(١) «تاريخ بغداد» (١٦/ ٥٤). وهذا الحديث رواه ابن الجوزي في «الموضوعات» (٢/ ٤٩ رقم ٥٧٦)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٣٠/ ١٦٤) كلاهما من طريق الخطيب به.
(٢) «تاريخ بغداد» (١٦/ ٥٥).

<<  <   >  >>