للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أقول: هذان الطريقان إنما يفيدان -إن أفادا- أصل الحديث لا الطريق الذي نتكلم عنه، فليس في الطريقين ما يبين سماع ابن جريج من أبي الزبير، فلم تَزُل العلة التي ذكرها النُّقَّاد المتقدِّمون.

ثم أورد كلام النسائي في نقده لهذا الحديث، ثم قال: «قلنا: في سند ابن حبان ما ينفي ذلك، وأيضًا فتصحيح الترمذي له يدل على أنه تحقِّق اتصاله، وقد تابعه عليه المغيرة بن مسلم، كما أشار إليه أبو داود، والترمذي، وحديثه أخرجه النسائي عن المغيرة عن أبي الزبير عن جابر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس على مختلس، ولا منتهب، ولا خائن قطع» انتهى. والمغيرة بن مسلم صدوق، قاله ابن معين وغيره (١)» (٢).

أقول: قوله: «في سند ابن حبان ما ينفي ذلك» قد تقدم بيان ما فيه.

وقوله: «وأيضًا فتصحيح الترمذي له يدل على أنه تحقَّق اتصاله» هذا احتمال وارد، ويوجد احتمالان آخران، الأول: أنه صححه لعدم اطِّلاعه على العلة التي اطلع عليها النُّقَّاد.

والثاني: أنه صححه لِما له من الطرق الأخرى التي تعضِّده، والله أعلم.

أما متابعة المغيرة بن مسلم فهي -إن أفادت أصل الحديث- فإنها لا تفيد سماع ابن جريج لهذا الحديث من أبي الزبير كما هو ظاهر.

والمغيرة بن مسلم مع توثيق ابن معين له في الجملة، فقد تكلَّم في روايته عن أبي الزبير حيث قال: «ما أَنكر حديثه عن أبي الزبير» (٣).


(١) ينظر: «تهذيب الكمال» (٢٨/ ٣٩٦).
(٢) «نصب الراية» (٣/ ٣٦٤).
(٣) «سؤالات ابن الجنيد» (ص: ٤٥٩ رقم ٧٥٣).

<<  <   >  >>