للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتفرد واحد عنه بها دونهم مع توفر دواعيهم على الأخذ عنه وجمع حديثه، يقتضي ريبة توجب التوقف عنها» (١).

الترجيح:

بعد أن عرضت أدلة الفريقين، يتضح أن رأي الفريق الثاني - وهو الترجيح بالأحفظ والأكثر وبالقرائن المحتفة بالخبر - هو الصواب؛ للأسباب الآتية:

١ - أن ما استدل به الخطيب ومن تبعه قد أجاب عنه الفريق الثاني.

٢ - أن أكثر أئمة أصحاب الحديث وحفاظهم ونقادهم على عدم قبول الزيادة مطلقًا، بل يذهبون إلى الترجيح، كما سبق بيانه.

٣ - يلاحظ أن الخطيب قد استفاض في إيراد تجويزات أن يكون الراوي قد حفظ ما لم يحفظه الآخرون، ولم يورد ولو تجويزًا واحدًا أن يكون الراوي قد أخطأ ووهم، وكأن الثقة عنده معصوم من الخطأ والوهم!

٤ - ما شاع أن الفقهاء والأصوليين يقبلون زيادة الثقة مطلقًا غير صحيح، قال الحافظ ابن حجر: «والحق في هذا أن زيادة الثقة لا تُقبل دائمًا، ومن أطلق ذلك عن الفقهاء والأصوليين فلم يُصب، وإنما يقبلون ذلك إذا استووا في الوصف، ولم يتعرض بعضهم لنفيها لفظًا ولا معنى.

وممن صرح بذلك الإمام فخر الدين (٢) وابن الأَبْيَاري (٣) شارح


(١) «النكت على كتاب ابن الصلاح» (٢/ ٦٩١) باختصار.
(٢) ينظر: «المحصول» للرازي (٤/ ٤٧٣).
(٣) الأبياري: بفتح الهمزة وبعدها باء ساكنة معجمة بواحدة وياء مفتوحة معجمة من تحتها باثنتين، نسبة إلى أبيار قرية كبيرة يبين نخلُها للإنسان إذا سار في النيل إلى الإسكندرية. وابن الأبياري المذكور هو علي بن إسماعيل بن علي بن حسن بن عطية، فقيه أصولي متكلِّم، من تصانيفه: شرح البرهان للجويني، وسفينة النجا على طريقة الإحيا، توفي سنة (٦١٦ هـ). «تكملة الإكمال» لابن نقطة (١/ ١٦٥)، و «معجم المؤلفين» (٧/ ٣٧).

<<  <   >  >>