أنها غدت جزءا من مفهوماته الفكرية الرئيسة، كأن تفتقد ظاهرة فكرية بارزة لدى مؤرخ عرف بدقته في تقصي الحقائق الفكرية.
ب- الطريقة الإيجابية: وتعتمد على استنتاج حقيقة لم تشر إليها الوثائق من حقيقة أثبتتها الوثائق، ويعتمد الاجتهاد الإيجابي على فرضيتين الأولى عامة ومنبثقة من كليات عامة مستمدة من تجارب الإنسان، والثانية، خاصة ومنبثقة من الوثائق، ويبدأ المؤرخ عادة بالفرضية الخاصة، بالحقيقة المستفادة من الوثائق، من مثال: مدينة ما تحمل اسما عربيا، ولكن الوثائق لا تذكر من بناها، فعلى المؤرخ أن يعرف مؤسسها، فإذا وقع الباحث على الفرضية العامة القائلة بأن اسم مدينة ما هي غالبا لغة الشعب الذي أنشأها فإنه يستنتج أن هذه المدينة أسسها العرب، لأنها تحمل اسما عربيا.
ولكي تكون النتيجة صحيحة وثابتة يجب أن يتوافر شرطان:
١- أن تكون الفرضية العامة صحيحة كل الصحة: أي يكون الارتباط بين الواقعتين التاريخية وثيقا جدا، وإذا استوفى هذا الشرط، يكون لدينا في الواقع "قانون" بالمعنى العلمي للكلمة، ولكن من الواضح أننا بمعالجتنا لوقائع الإنسانية، لا يمكننا أن نعمل إلا "بقوانين فرضية" منبثقة من تعميمات ناقصة، فهذه "القوانين الفرضية" قريبة من الحقيقة بالنسبة إلى مجموعة محددة من الوقائع، إلا أنها ليست صحيحة دائما، ففرضية ارتباط اسم المدينة بالشعب المنشئ لها، المذكورة آنفا، ليست صحيحة دائما، من مثال سيراكوز في أمريكا "شمال غرب نيويورك" تحمل اسما إغريقيا، ومن ثم لا بد من توافر شروط أخرى قبل إصدار حكم بأن اسم مدينة متعلق بجنسية مؤسسيها.
٢- يجب أن يكون لدى الباحث معرفة تفصيلية عن الحقيقة الخاصة، أي قبل إصدار الحكم حول الشعب الذي أسس مدينة ما، لا بد للباحث من دراسة الظروف المختلفة المحيطة بالمدينة، كموقعها وعادات الشعب، وتطورات تاريخها، أي لا بد من الاعتماد على مجموعة من الظاهرات والتفصيلات، لا على ظاهرة واحدة، ولا سيما أن الكليات