في كل حدث، وهكذا فإن المشكلات الكثيرة التى لا تزال تحيط بمفهوم السببية في التاريخ، دعت عددا من الفلاسفة إلى إخراج لفظ "سبب" من قاموس المؤرخين، ورغم ذلك فإنه لا بد للباحث من المضي في مضمار التعليل، لأن المقصود من السببية في التاريخ تفسير أحداثه، أي جعلها أكثر فهما وإيجاد معناها، وبيان أمور فيها تبدو غير ذات معنى.
يقسم والش "Walsh"١ مفهوم تفسير التاريخ أو البحث عن التعليل فيه إلى ناحيتين: الأولى هي "البحث عن المعنى في التاريخ" والثانية هي البحث في معنى التاريخ، تكون الأولى عندما يبحث المؤرخ في معنى "حادث" أو "مجموعة من الحوادث" في بيئة محدودة، مثلا تساؤله عن أسباب الموجة الأولى من الفتوحات العربية الإسلامية، فالبحث يجري في مجموعة من الأحداث المحددة في الزمن وإلى حد ما في المكان، وهذا العمل بحسب "والش" هو عمل المؤرخ، وفي هذا المضمار يمكن للباحث التاريخي أن يصل بغيته بطرق شتى أهمها:
١- أخذ ما ذكر في الأصول التاريخية نفسها عن مثل تلك الأسباب.
٢- قيام المؤرخ بدراسة العناصر الداخلة في كل حادث تاريخي على حدة وتحليلها.
٣- وضع بعض الفروض التي يتخيلها الباحث من ظواهر الحقائق التي تعرض له، ومحاولة إثبات أو نفي هذه الفروض حسبما يملك من حقائق بنزاهة وموضوعية.
وعند تحليل الباحث لعناصر العلاقات في الحادث المدروس لاستخلاص أسبابه، يجب أن يلجأ إلى طريقة "المقارنة" متبعا بذلك طريقة العلماء الطبيعيين ونحوهم آخذا بالاعتبار ما يلي:
١- إن دراسة التاريخ تدور حول "تاريخ الإنسان" والإنسان كائن معقد.
١ Walsh, Meaning in history in "Theories of History" Free Press New york ١٩٦٥. p ٢٩٨.