للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في أثنائها من حياض العلوم العربية، وبهذا أعدت نفسها لما تنتج الآن من البحوث العلمية الحديثة"١.

"فأي برهان أنصع من هذا على اتصال شجرة المعرفة الإنسانية واستمرارها من عصر لعصر وتعاون الأجيال على رعايتها والعناية بها، رغم اختلاف الأديان واللغات والعصور؟ وأي برهان هو آكد من هذا على ما قام به العرب من دور جليل في تطوير المعرفة الإنسانية والسير بمشعل الحضارة الإنسانية خلال العصور التي تسمى مظلمة وما هي مظلمة بحال؟ هنا نرى دور العرب من الوضوح بحيث يكاد يلمس باليد، لمن درس وبحث وطلب الحقيقة في بطون المؤلفات"٢. والاجتماع منعقد بين دارسي النهضات على أن بذور المستقبل تفصل عن تراب الماضي، وأن النظرة إلى الوراء إنما هي شرط لتصويب النظرة إلى الأمام، وأن في الحياة العربية الماضية من الحوافز والتجارب والمبادرات والإبداعات ما لا يمكن أن تستغني عنه في تطلعها نحو الآتي، فهل نأمل أن نعود كما كنا خير أمة أخرجت للناس.

إن أعظم كشف طبي قدر أن يكون على يد عالمين عربيين هو كشف الدورة الدموية وذلك قبل أن يعرفه الأوروبيون ببضعة قرون، هذان العالمان هما الطبيبان علي بن عباس المجوسي، وابن النفيس، وكان حديث ابن النفيس في مجال التشريح كاد يتوصل به إلى علم لم يكن قد عرف بعد هو علم التشريح المرضي "الباتولوجيا"، ومهد لكشف الأوعية الدموية، الذي تحقق بعده بعدة قرون. وفي "عام ١٥٤٧م" ترجم كتابه إلى اللاتينية ثلاثة من علماء أوروبا يصفون الدورة الدموية في الرئة بنفس الألفاظ التي استخدمها ابن النفيس.

طبع البحوث العربية بطابع الأسلوب العلمي، حنين بن إسحاق العبادي في كتابه


١ غوستاف لوبون. حضارة العرب. ترجمة عادل زعيتر: مطبعة عيسى بابي الحلبي "د. ت"، ص١٧٩.
٢ حسين مؤنس. تاريخ الجغرافية والجغرافيين في الأندلس، ط٢، مكتبة مدبولي، القاهرة ١٩٨٦، ص٥٥.

<<  <   >  >>