للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• وَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ» (١).

قال ابن رجب رحمه الله: "والنية في كلام العلماء تقع بمعنيين:

أحدهما: بمعنى تمييز العبادات بعضها عن بعض، كتمييز صلاة الظهر من صلاة العصر مثلًا، وتمييز صيام رمضان من صيام غيره، أو تمييز العبادات من العادات، كتمييز الغسل من الجنابة من غسل التبرد والتنظف، ونحو ذلك، وهذه النية هي التي توجد كثيرًا في كلام الفقهاء في كتبهم.

والمعنى الثاني: بمعنى تمييز المقصود بالعمل، وهل هو الله وحده لا شريك له، أم غيره، أم الله وغيره؟ وهذه النية هي التي يتكلم فيها العارفون في كتبهم في كلامهم على الإخلاص وتوابعه، وهي التي توجد كثيرًا في كلام السلف المتقدمين" (٢).

• ومما يدل على أن الإخلاص شرط لقبول العمل حديث أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيّ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ، مَا لَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا شَيْءَ لَهُ»، فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا شَيْءَ لَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» (٣).

• وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّهُ قَالَ: قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَقَدْ ظَنَنْتُ -يَا أَبَا هُرَيْرَةَ- أَنْ لَا يَسْأَلنِي عَنْ هَذَا الحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّل مِنْكَ؛ لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الحَدِيثِ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ القِيَامَةِ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ» أَوْ: «نَفْسِهِ» (٤).


(١) أخرجه البخاري (٨/ ١٤٠) ح (٦٦٨٩)، ومسلم (٣/ ١٥١٥) ح (١٩٠٧).
(٢) جامع العلوم والحكم (١/ ٦٥ - ٦٦).
(٣) أخرجه النسائي (٦/ ٢٥) ح (٣١٤٠)، وجوَّد إسناده ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٨)، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ١١٨) ح (٥٢)، وقال في صحيح سنن النسائي (٢/ ٣٨٣ - ٣٨٤) ح (٣١٤٠): "حسن صحيح".
(٤) أخرجه البخاري كتاب العلم، باب الحرص على الحديث (١/ ٣١) ح (٩٩).

<<  <   >  >>