للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: ٢٩].

وتدبر القرآن الكريم الذي هو الحكمة من نزوله يعنى: التفكر في آياته، وفهمها والتأمل في معانيها (١) بتكرار ذلك، وإقامة حروفه وحدوده بالعمل به (٢)، واستحضار عظمة قائله، وتدبره هو الذي يثمر في القلب ثمرته، فينزل في القلب أثره، فينفع صاحبه، كما يقول ابن مسعود -رضي الله عنه- (٣).

إنه الكتاب العظيم الكريم الذي قال الله عنه: {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: ١٠].

{فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ} [الزخرف: ٤٣، ٤٤].

وقال تعالى في بيان آثاره العظيمة: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [إبراهيم: ١، ٢].


(١) ينظر: تفسير البغوي (٧/ ٨٨)، تفسير ابن كثير (١/ ٦)، تفسير السعدي (٧١٢).
(٢) ونقل ابن كثير في تفسيره (٧/ ٦٤) عن ابن أبي حاتم عن الحسن البصري قوله: "والله، ما تَدَبَّره بحفظ حروفِهِ وإضاعةِ حدودهِ، حتى إن أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله ما يُرى له القرآن في خُلُق ولا عمل".
(٣) وكما في صحيح مسلم (١/ ٥٦٣) ح (٨٢٢) قال ابن مسعود -رضي الله عنه- لذلك الرجل الذي يقرأ المفصل في ركعة في بيان الخطأ الذي وقع فيه: "هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ! إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ"، والعبرة والمطلوب هو العمل والتدبر الذي يجعل الآيات تنزل إلى القلب، فينتفع بها.

<<  <   >  >>