للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكأننا نقول: الله عليك، أي: رقيب حافظ معتنٍ بك، حافظ لك من الآفات، وما أشبه ذلك.

وقيل: السلام بمعنى التسليم، أي: ندعو له بالسلامة والنجاة من كل آفة في الدنيا والآخرة، وهذا واضح في حال حياته -صلى الله عليه وسلم-، لكن بعد مماته، كيف يناسب أن ندعو له بالسلامة؟ والجواب ليس الدعاء بالسلامة مقصوراً في حال الحياة، فهناك أهوال يوم القيامة؛ ولهذا كان دعاء الرسل أثناء عبور الناس الصراط: "اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ" (١)، فالمرء لا ينتهي من المخاوف والآفات بمجرد موته.

وقد يكون السلام بمعنى أعم؛ وهو السلام على شرعه وسنته وسلامتها من أن تنالها أيدي العابثين (٢).

ويتذكر بقلبه حين يقول في تشهده: " السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ " أموراً، منها:

الأول: يتذكر فضله -صلى الله عليه وسلم- العظيم عليه بعد فضل الله في دلالته له على طريق الجنة وتحذيره من طرق النار، فما من خير يسعدها في الدنيا والآخرة إلا وقد دل أمته عليه، ولا من شر يشقيها في الدنيا والآخرة إلا وحذرها منه، قال تعالى في وصفه وبيان حرصه -صلى الله عليه وسلم- على أمته وشفقته ورحمته العظيمة بها: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: ١٢٨].


(١) أخرجه البخاري (١/ ١٦٠) ح (٨٠٦)، ومسلم (١/ ١٦٣) ح (١٨٢).
(٢) ينظر: الشرح الممتع على زاد المستقنع (٣/ ١٥٠ - ١٥٣)، والخشوع في الصلاة في ضوء الكتاب والسنة (٣١٤ - ٣١٥) مع بعض التصرف.

<<  <   >  >>