للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ، فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ» (١).

وحتى يحصل من التوبة والاستغفار أثرهما على صلاح القلب وإقبال المسلم على تلاوة كتاب ربه وفهمه والتلذذ به، فلا بد من مراعاة أمور (٢)، وهي:

١ - الإخلاص لله تعالى في هذه التوبة، وأن يكون المقصد منها وجه الله تعالى.

لأن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً لله وأريد به وجهه، وأن يكون موافقاً للسنة، فترد التوبة على صاحبها إذا أراد بها التقرب من أحد أو الحصول على مكسب من مكاسب الدنيا قال -صلى الله عليه وسلم- في بيان ذلك: فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا غَزَا يَلْتَمِسُ الْأَجْرَ وَالذِّكْرَ مَا لَهُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا شَيْءَ لَهُ»، فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «لَا شَيْءَ لَهُ»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا، وَابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُهُ» (٣).

وقال -صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» (٤).

وفي الرواية الأخرى في صحيح مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» (٥).

٢ - الندم على ما حصل من الذنب.

عَنِ ابْنِ مَعْقِلٍ، قَالَ: دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى عَبْدِ اللَّهِ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ»، فَقَالَ لَهُ أَبِي: أَنْتَ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «النَّدَمُ تَوْبَةٌ»، قَالَ: نَعَمْ " (٦).


(١) أخرجه مسلم (٤/ ٢١٠٣) ح (٢٧٤٤).
(٢) ينظر في شروط التوبة: رياض الصالحين (٣٣ - ٣٤)، التوبة إلى الله (ص ٢١ - ٢٥)
(٣) أخرجه (٦/ ٢٥) ح (٣١٤٠)، وجوَّد إسناده ابن حجر في الفتح (٦/ ٢٨)، وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١/ ١١٨) ح (٥٢)، وقال في صحيح سنن النسائي (٢/ ٣٨٣ - ٣٨٤) ح (٣١٤٠): "حسن صحيح".
(٤) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٤٣) ح (١٧١٨).
(٥) أخرجه مسلم (٣/ ١٣٤٣) ح (١٧١٨).
(٦) أخرجه أحمد (٦/ ٣٧) ح (٣٥٦٨)، وابن ماجه (٢/ ١٤٢٠) ح (٤٢٥٢)، والحاكم (٤/ ٢٧١) ح (٧٦١٢) وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (٢/ ١١٥٠) ح (٦٨٠٢)، وصححه محقق المسند.

<<  <   >  >>