للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعكس الندم ما يحصل من المجاهرة بالذنوب التي عملها، وكأنها شيء يتمدح به في المجالس وهذه المجاهرة خطر عظيم على صاحبها قال -صلى الله عليه وسلم-: «كُلُّ أُمَّتِي مُعَافًى إِلَّا الْمُجَاهِرِينَ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلًا ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللهُ، فَيَقُولَ: يَا فُلَانُ، عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ، وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللهِ عَنْهُ» (١).

٣ - الإقلاع عن الذنب مع العزم على عدم العودة للذنب.

وقد ذكر الله في كتابه من صفات عباده المتقين أنهم لا يصرون على الذنب وإذا وقعوا فيه تذكر الله وتذكروا ما توعد به العاصين ووعد المتقين فبادروا إلى التوبة والاستغفار مع ندم وعزم على عدم العودة إلى الذنب ويسارعون إلى الإقلاع عنه ولا يستمرون ويصرون عليه وهم يعلمون أنه ذنب، فقال تعالى عنهم: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: ١٣٥].

وقد ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً: " .. وَالْمُسْتَغْفِرُ مِنْ ذَنْبٍ وَهُوَ مُقِيمٌ عَلَيْهِ كَالْمُسْتَهْزِئِ بِرَبِّهِ" (٢).

٤ - وإذا كان الذنب في حقوق الآدميين، فلا بد من إرجاعها لهم أو طلب السماح.

لأن حقوق العباد من مال ونحوه لا يقبل توبة صاحبها حتى يرجعها إليه أو يستسمحه، لأن العبد يوم القيامة يأمره الله بأن يعيد الحقوق إلى إصحابها وذلك بدفع حسانته إلى أصحاب الحقوق حتى يستوفوا حقهم أو إذا لم يكن له حسنات أخذ من سيئاتهم ثم طرحت عليه ثم يطرح في النار كما حديث المفلس قال صلى الله عليه وسلم: «أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ»؟ قَالُوا: المُفْلِسُ فِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «المُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ


(١) أخرجه البخاري (٨/ ٢٠) ح (٦٠٦٩).
(٢) ولا يصح رفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، والراجح أنه موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما، كما رجح ذلك ابن حجر رحمه الله في الفتح (١٣/ ٤٧١)، ورجح وقفه أيضاً غيره.

<<  <   >  >>