للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أضيف الالتفات إلى الشيطان، لأن فيه انقطاعاً من ملاحظة التوجّه إلى الحق سبحانه، وسمي فعله ذلك: ((اختلاساً)) وهو ما يؤخذ سلباً مكابرة، أو الذي يخطف من غير غلبة ويهرب ولو مع معاينة المالك له، والناهب يأخذ بقوّة، والسارق يأخذ في خفية، فلما كان الشيطان قد يشغل المصلي عن صلاته بالالتفات إلى شيء ما بغير حجة يقيمها، أشبه المختلس، وسمي ((اختلاساً)) تصويراً لقبح تلك الفعلة بالمختلس، لأن

المصلي يقبل عليه الربّ ـ سبحانه وتعالى ـ والشيطان مرتصد له، ينتظر فوات ذلك عليه، فإذا التفت اغتنم الشيطان الفرصة فسلبه تلك الحالة (١) .

ولا تبطل الصلاة بالالتفات، إلا أن يستدير بجملته عن القبلة أو يستدبر القبلة، قال ابن عبد البر: وجمهور الفقهاء على أن الالتفات لا يفسد الصّلاة إذا كان يسيراً.

ويكره أيضاً أن يصلّي على شيء يلهيه أو في مكان صور، أو على سجادة فيها صور ونقوش، أو إلى مكان عليه صور، كما تقدم في ((جماع أخطاء المصلّين في أماكن صلاتهم)) خوفا من نقص الخشوع، أو ترك استقبال القبلة ببعض البدن.

[٥/١٩] (تغميض العينين في الصّلاة.

قال ابن القيم: ((ولم يكن من هديه - صلى الله عليه وسلم - تغميضُ عينيه في الصّلاة، وقد تقدّم انه كان في التشهد يُومئ ببصره إلى أصبعه في الدّعاء، ولا يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إشارَتَهُ)) (٢) .

وقال الفيروز آبادي: ((كان - صلى الله عليه وسلم - يفتح عينه المباركة في الصَّلاة، ولم يكن يغمضها كما يفعله بعض المتعبّدين)) (٣) .


(١) فتح الباري: (٢/٢٣٥)
(٢) مضى تخريجه.
(٣) سفر السّعادة: (ص ٢٠) .

<<  <   >  >>