لم يطلب الشّرع ممن صلّى الاستخارة شيئاً، كي يفعل ما عزم عليه أو يتركه، سوى الصّلاة والدّعاء المأثور. والشّأن في ذلك، شأن أي دعاء يدعو به المسلم.
ومن هنا: قرر العلماء، أنه يفعل ما ينشرح له صدره بدون توقّف على رؤيا منام ولا أن يلجأ لأحدٍ، يدعو له بها، وإنما هي دعاء، بأن يختار الله له من الأمر الخير، فيمضي فيه، إنْ شرح اللهُ له صدرَه، فإن تيسّر كان الخيرُ في ذلك، ورضي وفرح، وإن لم يُقضَ علم أن الخير في ذلك أيضاً، ورضي به، وسيحمد عاقبته (١) .
[١/٦٣] ومن الخطأ الشائع عند بعض النّاس:
أنّ الاستخارة لا تكون معتبرةً إلا إذا دعا بها بعضُ النّاس، وأنّه لابُدّ فيها من الرؤيا المنامية، فهذا غلوُّ وجمود، لم يأمر به الله، ولا هدت إليه سنّةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما نشأ عن التكلّف الذي لا ينبغي للمسلمين فعله، حتى جرّهم ذلك إلى أن عطّلوا سنّةً عظيمةً من سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وحرموا أنفسهم مثوبة هذه السنّة وبركاتها، والتعرّض لنفحاتها.
فهيا ـ أخي المسلم ـ استخر ربّك في أُمورك، بهدك، وافزع إليه واسترشده، يرشدك، وقد يسَّر لك استخارته وسهلها، فادع بها عقب السّنن والنّوافل، أو اركع ركعتين لأجلها، تزدد مثوبة وقربى.
ولا تلتفت إلى ما اعتاده النّاس من التّشدد أو الاتّكال على غيرهم فيها، واعتصم بسنّة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، يصلح أمرك، وتفلح في دنياك وآخرتك، فطوبى لمن عمل بها، وأحياها في النّاس (٢) .