للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها (١) .

فيه: دليل على وجوب الطمأنينة، وأن مَنْ تركها، لم يفعل ما أُمر به، فيبقى مطالباً بالأمر.

وتأمل أمره بالطمأنينة في الركوع والاعتدال في الرفع منه، فإنه لا يكفي مجرد الطمأنينة في ركن الرفع حتى تعتدل قائماً. فلم يكتف من شرع الصلاة بمجرد الرفع حتى يأتي به كاملاً، بحيث يكون معتدلاً فيه (٢) .

وهذا الخطأ - أعني: عدم الطمأنينة في الاعتدال من الركوع - يقع فيه من يشار إليه، أو يظن به العلم!! لا سيما في صلاة النافلة.

قال القرطبي: ((ينبغي للإنسان أن يحسن فرضه ونفله، حتى يكون له نفل يجده زائداً على فرضه يقرّبه من ربه، كما قال سبحانه وتعالى: ((وما يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتى أحبه. . . .)) . فأما إذا كان نفل يكمل به الفرص، فحكمه في المعنى حكم الفرض.

ومن لا يحسن أن يصلّي الفرض، فأحرى وأولى ألا يحسن التّنفّل، لا جرم تنفل الناس في أشدّ ما يكون من النقصان والخلل، لخفته عندهم، وتهاونهم به، حتى كأنّه غير معتدٍ به!! ولعمر الله، قد يشاهد في الوجود، مَنْ يشار إليه، ويظن به العلم، تنفّله كذلك، بل فرضه، إذ ينقره نقر الدّيك، لعدم معرفته بالحديث، فكيف بالجهّال الذين لا يعلمون؟!

وقد قال العلماء: ولا يجزئ ركوع ولا سجود، ولا وقوف بعد الركوع، ولا جلوس بين


(١) أخرجه البخاري في ((الصحيح)) : (٢/٢٣٧ و ٢٧٦) رقم (٧٥٧) و (٧٩٣) ومسلم في ((الصحيح)) : رقم (٣٩٧) وأبو داود في ((السنن)) رقم (٨٥٦) والترمذي في ((الجامع)) : رقم (٣٠٣) والنسائي في ((المجتبى)) : (٢/١٢٤) وابن ماجه في ((السنن)) : رقم (١٠٦٠) .
(٢) الصلاة وحكم تاركها: (ص ١٣٨ - ١٣٩) .

<<  <   >  >>