قلت: فهذا ما ذكره الحافظ ونقل عن العلائي أنه لا يستبعد حسنه. وتبين من التحقيق أنها شواهد ضعيفة لا تصلح أن يقوي بعضها بعضاً لشدة الاختلاف فيها
وهنالك حديث آخر عن عائشة وفيه:((وتشهدي وانصرفي ثم اسجدي سجدتين وأنت قاعدة، ثم تشهَّدي)) .
أخرجه الطبراني وفي إسناده موسى بنُ مُطيْر، عن أبيه. وموسى واهٍ تركه أبو حاتم والنسائيُّ وغيرهما، بل كذبه يحيلا بن معين.
وأبوه قال أبو حاتم:((متروك الحديث)) . فالحديث ساقط. والله أعلم (١) .
ونشير في ختام هذا المبحث إلى أن بعض الفقهاء قد أوجبوا سجود السهو في حالاتٍ لم يقم الدليل عليها!! بل قام الدليل على عكسها، كما في قنوت الفجر الراتب، فقد نص بعضهم على سجود السهو حال تركه، والصحيح ـ كما تقدم ـ أنه لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - البتة، وكذا قول بعضهم بوجوب سجود السهو إنْ قرأ المصلّي في الأخريين زيادة على فاتحة الكتاب، وقد تقدم أن الزيادة على فاتحة الكتاب كانت من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعض الأحاديث، لذا قال أبو الحسنات اللكنوي في ((التعليق الممجد على
موطأ محمد)) : (ص ١٠٢) ما نصه:
((وأغرب بعض أصحابنا، حيث أوجبوا سجود السهو بقراءة سورة في الأخريين، وقد ردّه شراح ((المنية)) : إبراهيم الحلبي، وابن أمير حاج، وغيرهما، بأحسن رد، ولا شك في أن من قال بذلك لم يبلغه الحديث، ولو بلغه لم يتفوّه به)) .
قلت: ومن هذا الباب ما ذكره بعض الفقهاء من وجوب سجود السهو على من يقرأ الصلاة الإبراهيمية أو بعضها في جلوس الركعة الثانية من الثلاثية أو الرباعية بعد التشهد، والصحيح قراءة ذلك كما سيأتي في موطنه إن شاء الله تعالى.
(١) النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة: رقم (١٤٣) .