وقوله:((إذا سمعتم الإقامة)) أخص من قوله في حديث آخر: ((إذا أتيتم الصلاة)) (٤) .
لكن الظاهر أنه من مفهوم الموافقة، لأن المسرع إذا أقيمت الصلاة، يترجى إدراك فضيلة التكبيرة الأولى ونحو ذلك، ومع ذلك، فقد نهي عن الإسراع، فغيره ممن جاء قبل الإقامة لا يحتاج إلى الإسراع، لأنه يتحقق إدراك الصّلاة كلها، فينهى عن الإسراع من باب الأولى.
وقد لحظ فيه بعضهم معنى غير هذا، فقال: الحكمة في التقييد بالإقامة: أن المسرع إذا أقيمت الصّلاة، يصل إليها، وقد ابنهر، فيقرأ، وهو في تلك الحالة، فلا يحصل له تمام الخشوع في الترتيل وغيره، بخلاف مَنْ جاء قبل ذلك، فإن الصلاة قد لا تقام فيه، حتى يستريح.
وقضية هذا: أنه لا يكره الإسراع لمن جاء قبل الإقامة، وهو مخالف لصريح قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا أتيتم الصّلاة)) لأنه يتناول ما قبل الإقامة، وإنما قيد في الحديث بالإقامة، لأن ذلك هو الحامل في الغالب على الإسراع (٥) .
والإسراع في المسير أو السعي الشديد، لإدراك الصّلاة في المسجد، أو لإدراك الركوع،
يفوت السكينة واحترام الصلاة، ويشوش على المصلّين.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إذا توضّأ أحدُكُم للصَّلاة، فلا
يُشَبِّك بين أصابعه (١) .
فالنهي مقيّد إذا كان ماشياً للصلاة قاصداً لها، كما وقع التصريح به في حديث كعب بن عجرة:((إذا توضأت فأحسنت وضوءك ثم خرجت غامداً إلى المسجد، فلا تتُشَبِّكَنّ بين أصابعك ـ أُراه قال ـ في صلاة)) .
وفي رواية: ((إذا كنت في المسجد فلا تُشَبِّكَنَّ بين أصابعك، فأنت في صلاة ما انتظرت