بها. ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائماً في كل يوم وليلة خمس مرات أبداً، حضراً وسفراً، ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين، وعلى جمهور أصحابه، وأهل بلده في الأعصار الفاضلة، هذا من أمحل المحال، حتى يحتاج إلى التشبُّث فيه بألفاظ مجملة، وأحاديث واهية، فصحيح تلك الأحاديث غير صريح، وصريحها غير صحيح، وهذا موضع يستدعي مجلّدا ضخماً)) (١) .
ونقول للفريق الأوّل، ما قاله الإمام الزّيلعي:((وكان بعض العلماء يقول بالجهر ـ أي بالبسملة ـ سدّاً للذّريعة، قال: ويسوغ للإنسان أن يترك الأفضل لأجل تأليف القلوب، واجتماع الكلمة، خوفاً من التنفير، كما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بناء البيت على قواعد إبراهيم، لكون قريش كانوا حديثي عهد بالجاهليّة، وخشي تنفيرهم بذلك، ورأى تقديم مصلحة الاجتماع على ذلك، ولما أنكر الربيع على ابن مسعود إكماله الصّلاة خلف عثمان، قال: الخلاف شر.
وقد نص أحمد وغيره على ذلك في البسملة، وفي وصل الوتر، وغير ذلك، مما فيه العدول عن الأفضل إلى الجائز المفضول، مراعاة لائتلاف المأمومين، أو لتعريفهم السنة، وأمثال ذلك، وهذا أصل كبير في سدّ الذّرائع)) (٢) .
ونقول لهم ما قاله الشوكاني منكراً على من ذهب إلى إجبار الناس على ترك الجهر بها ومعاقبتهم، فإنه قال ما نصه: ((فإن ما ذكرناه ها هنا، يكفي في دفع الإنكار، وردع المنكر لذلك، إذا كان ممن يعقل عن الله سبحانه، ويعرف مواطن الإنكار التي أيَّد الله عباده على من فعلها، وأخذ على الحاملين لحجج الله، أن يأخذوا على يد مرتكبيها، ويأطروه على الحق أطراً، وأما مثل هذه المسألة فليس الإنكار فيها إلا من باب إنكار المعروف، وتفريق كلمة عباد الله بغير حجة نيّرة، ولا برهان واضح والمهدي من هداه