ثم يقول: الحمد لله رب العالمين، ثم يقف، ثم يقول: الرحمن الرحيم. ملك يوم الدين (٢) .
قال أبو عمرو الداني في تفسير الوقف الحسن:((ومما ينبغي له: أن يقف علة رؤوس الآي، لأنهن في أنفسهن مقاطع، وأكثر ما يوجد التام فيهن، لاقتضائهن تمام الجمل، واستبقاء أكثرهن انقضاء القصص.
وقد كان جماعة من الأئمة السّالفين، والقرّاء الماضين يستحبون القطع عليهن، وإن تعلّق بعضهن ببعض، لما ذكرنا من كونهن مقاطع، ولسن بمشبهات، لما كان من الكلام التام في أنفسهن دون نهاياتهن)) .
ثم روى عن اليزيدي عن أبي عمرو: أنه كان يسكت على رأس كل آية، فكان يقول: إنه أحب إليّ إذا كان آية، أن يسكت عندها، وقد وردت السنة أيضاً بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند استعماله التقطيع، ثم ساق الحديث السابق (٣) .
[١/٣٩] وهذه سنة تركها أكثر قرّاء هذا الزّمان، فتسمعهم ـ حتى في الصّلاة ـ يقرأون الفاتحة بِنَفَسٍ واحدٍ، لا يقفون على رؤوس الآي، أعرضوا عن السُنن، وتنكبوا السّنَن، هدانا الله وإياهم للاتباع، وموافقة الحبيب - صلى الله عليه وسلم -، في جميع أحواله وأقواله وأفعاله.
[٢/٣٩] هذا عن الأئمة، أما عن العوام، فالخطب أشد وأخطر، إذ أنهم كثيرو اللحن في
قراءتها، وربما يسقطون حرفاً منها، أو يبدّلون حروفاً بحروف أخرى، كأن يقولوا:((اللزين))
بالزاي، بدل الذال المعجمة، أو يقولوا:((الهمد لله)) بالهاء بدل الحاء، أو يقولوا:((الظّالين)) بالظّاء المشددة بدل الضاد، أو يقولوا:((إياك نعبد إياك نستعين)) بإسقاط الواو (١) ، أم بإسقاط الشدّة في ((إياك نعبد)) فيقولونها بتخفيف الياء، وإن قصد المعنى كفر، لأن الإباك ضوء الشمس.