وقال العزّ بن عبد السلام:((لم ترد الشريعة بالتقرّب إلى الله بسجدةٍ منفردةٍ، ولا سبب لها فإن القرب لها أسباب وشرائط وأوقاف وأركان، لا تصح بدونها، فكما لا يتقرب إلى الله بالوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار، والسعي بين الصّفا والمروة، من غير نسك واقع في وقته، بأسبابه وشرائطه، فكذلك لا يتقرّب إلى الله تعالى بسجدةٍ منفردة، وإن كانت قربة، إذا كان لها سبب صحيح، وكذلك لا يتقرب إلى الله تعالى بالصّلاة والصّيام، في كل وقت وأوان، وربما تقرب الجاهلون إلى الله تعالى، بما هو مبعد عنه من حيث لا
يشعرون (٥) .
والحاصل: أن الشريعة لم ترد بالتقرب إلى الله تعالى بالسجود إلا في الصلاة، أو لسبب
خاص من سهوٍ أو شكرٍ أو قراءة سجدة.
وقد أنكر أبو المعالي إمام الحرمين والغزالي وغيرهما هاتين السجدتين، بل قال الغزالي: لم يذهب أحد إلى أن السجدة وحدها تلزم بالنّذر، فعلى وجه: عليه ركعة. وعلى وجه: يلغو (١) .
وأصل هذه البدعة: ما ذهب إليه بعض الصوفية من أنه يستحب لكل مصلّ أن يفعلها، جبراً للسهو القلبي، إذ لا يخلو أن يغيب ولو لحظة واحدة في نفس صلاته عن كونه مصلّياً والسهو غالبه من الشيطان، فلا يجبر إلا بصفةٍ لا يتمكن الشيطان أن يدنو من العبد فيها ... !!
ولا شك أن الشيطان هو الذي وسوس لهؤلاء هذه البدعة، بتحبيبه لهم الابتداع في الدّين، ولما كانت الصلاة سبيلها الاتباع، حكم عليها الأئمة ـ كما