قال الإمام علي بن سلطان محمد القاري:((وأصل هذا الفساد إنما وقع بين العباد، بسآمة ترك السنة وفعل البدعة، حيث اختار بعضُ السَّلاطين والأمراء أَنْ يُذكرَ اسمُه فوق المنبر على ألسنة الخطباء، فقيل لهم: لم يُتصوّر ذلك إلا بأن يُذْكر الخلفاء الأربعة أوّلاً هناك، ثم أحدث بنو أمية سبَّ عليّ ـ رضي الله عنه ـ وأتباعه في الخطبة مدة معينة، إلى أن أظهر الله سبحانه عمر بن عبد العزيز، وأعزّ الله الإسلام به انتهاءً، كما أعزّه الله بعمر بن الخطاب ابتداءً، فأظهر غاية العدالة، ونهاية الرعاية في الرعية
والجمالة.
فأوّل ما خطب عمر على هذا المنبر، حَمِدَ الله سبحانه، وأنثى وشكر،ووعظ ونصح لمن اعتبر، ثم لما وصل إلى موضع سب الخطباء لخاتم الخلفاء، وحاتم الحنفاء، قرأ هذه الآية:{إن الله يأمر بالعدل والإحسان} أوصيكم عباد الله بتقوى الله، ونزل عن المنبر)) (١) .
هذه بعض أخطاء الخطباء القوليّة، التي يقومون بها بأنفسهم، وهناك أخطاء يقوم بها غيرهم بين أيديهم، أحببت أن أذكرها هنا، وألحقها بأخطاء الخطباء، إذ لولا سكوتهم عنها، ما قام بها أصحابُها من العوام الجهال، وشبه العوام، الذين استداموا على أخطائهم فأوهموا المسلمين أن ما يقومون به من الشّرع، وهو ليس منه فنقول وبالله التّوفيق:
من ذلك: ما يفعله المؤذّنون، حال الخطبة من التّرضي ونحوه، وكذا ما يكون منهم عند ذكر السلطان، من قولهم بصوتٍ مرتفعٍ: آمين آمين، نصره الله وأدامه، وغير ذلك، فهو بدعة سيّئة وحرام. وكذا قولهم بين يدي الخطيب إذا جلس من الخطبة الأولى: غفر الله لك، ولوالديك، ولنا، ولوالدينا والحاضرين.... الخ.
وكذ جهرهم بحديث ((إذا قلت لصاحبك ... )) وتلاوة آية: {إن الله وملائكته يصلّون على النبي ... } عند خروج الخطيب حتى يصل المنبر (٢) .