فإذا لم يواتهم الزّمان، في إقامة العيد، على ما اشتهوا وفهموا من
العيد، لم يعدّوا العيدّ عيداً، بل يزدادوا حزناً وحسرةً وألماً.
أما الصّنف الثّاني: فإن العيد عندهم، عيد على كلّ حال، إذ كان معنى العيد عندهم هو: ما لحظة الدّينُ فيه، وهذا موجودٌ في حالتي الشدّة والرّخاء، والسرّاء والضّراء، والمؤمن مغتبط وراض وصابر في الشدّة والبلاء، لأنه يؤمن بأن ما أصابه في حظّه من الدّنيا، ليس بمصيبةٍ على الحقيقة.
وعنده أن المصيبة إنما هي في الدّين، ودين المؤمن سالم ما دام مؤمناً، ولأن المؤمن يعتقد أنّ ما أصابه إنما هو: بقضاء الله وقدره، وإنه لراض بذلك، ومفوّض أمره إلى الله، ومؤمل خيراً في العاقبة، وراج ثواباً على صبره في الآخرة.
[١/٦٤] وليس في الإسلام سوى عيدين، هما: عيد الفطر وعيد الأضحى وقد ابتلى المسلمون باتّخاذ كثير من أعياد زمانية ومكانية ما أنزل الله بها من سلطان. فأما الزّمانيّة فكثيرة،
منها: يوم المولد النبوي وليلة المعراج وليلة النّصف من شعبان، ومنها: ما يجعل لميلاد صالح أو مَنْ يظنّ صلاحه، ومنها: ما يجعل لولاية بعض الملوك، ويسمى (عيد الجلوس) وهو مأخوذ من (عيد النيروز) عند العجم. ومنها: ما يجعل لثورة المنازعين للملوك وانتصار بعضهم على بعض، وهو مأخوذ من (عيد المهرجان) عند العجم.
ومن الأعياد المبتدعة أيضاً: عيد الجلاء وعيد الاستقلال، إلى غير ذلك من الأعياد المبتدعة (١) لأيّام السّرور والأفراح، مما لم يأذن به الله.