للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال النووي: ((قال أصحابنا: غلط هذا القائل، وليس مراد الشافعي بالنّطق في الصّلاة هذا، بل مراده التكبير)) (١) .

وقال بن أبي العزّ الحنفي: ((لم يقل أحد من الأئمة الأربعة، لا الشّافعيّ ولا غيره باشتراط التلفّظ بالنيّة، وإنما النيّة محلّها القلب باتّفاقهم، إلا أن بعض المتأخرين أوجب التلفّظ بها، وخرج وجهاً في مذهب الشافعي! قال النووي رحمه الله: وهو غلط، انتهى. وهو مسبوق بالإجماع قبله)) (٢) .

وقال ابن القيم: ((كان - صلى الله عليه وسلم - إذا قام إلى الصّلاة، قال: ((الله أكبر)) ولم يقل شيئاً قبلها، ولا تلفَّظ بالنيّة البتة. ولا قال: أصلي لله صلاة كذا مُستقبل القبلة أربع ركعات إماماً أو مأموماً، ولا قال: أداءً ولا قضاءً، ولا فرض الوقت، وهذه عشرُ بدع، لم يَنْقُل عنه أحد قط بإسنادٍ صحيحٍ ولا ضعيفٍ ولا مسندٍ ولا مرسلٍ لفظةً واحدةً منها البتة، بل ولا عن أحدٍ من أصحابه، ولا استحسنه أحدٌ من التّابعين، ولا الأئمة الأربعة وإنما غَرَّ بعضَ المتأخرين قولُ الشافعي - رضي الله عنه

- في الصّلاة: إنها ليست كالصّيام ولا يدخل فيها أحدُ إلا بذكر، فظنّ أن الذّكر تلفُّظُ المصلّي بالنّية وإنما أراد الشافعيُّ - رحمه الله - بالذّكر: تكبيرة الإحرام، ليس إلا، وكيف يستحِبُّ الشافعيُّ أمراً لم يفعله النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة واحدة، ولا أحدٌ من خلفائه وأصحابه، وهذا هديُهم وسيرتُهم، فإن أَوْجَدَنا أحدٌ حرفاً واحداً عنهم في ذلك، قبلناه، وقابلناه بالتّسليم والقبول، ولا هديَ أكملُ من هديهم، ولا سنة إلا ما تلقَّوه عن صاحب الشّرع - صلى الله عليه وسلم -)) (٣)


(١) المرجع نفسه، وانظر: ((التعالم)) للشيخ بكر أبو زيد (١٠٠) .
(٢) الاتباع: (ص٦٢) .
(٣) زاد المعاد: (١/ ٢٠١) . وانظر له في المسألة: ((إغاثة اللهفان)) : (١/١٣٦ـ١٣٩) و ((إعلام الموقعين)) : (٢/٣٧١) و ((تحفة المودود)) : (ص٩٣) .

<<  <   >  >>