وجميع هذه الكتب لم يبق منها إلا الأسماء ما عدا كتاب ابن قتيبة. ولكن يسوغ لنا أن نفترض أن كل هذه الكتب تضمنت بيانا عن جهاز الأنواء، وذكر المنازل، والأيام التى تطلع وتسقط فيها النجوم المقدرة للمنازل، والاستدلال بالكواكب، وذكر الرياح والأمطار. نعم منهم من اقتصر على النقل أو السرقة دون أن ينظر فى علم النجوم حق النظر. ومما يؤيد ظنّنا قول عبد الرحمن الصوفى فيهم، فقال:
«إنى رأيت كثيرا من الناس يخوضون فى طلب معرفة الكواكب الثابتة ومواقعها من الفلك وصورها، ووجدتهم على فرقتين: إحداهما تسلك طريق المنجمين [يعنى الفلكيين] ، ومعولها على كرات مصورة من عمل من لم يعرف الكواكب بأعيانها، وإنما عولوا على ما وجدوه فى الكتب من أطوالها وعروضها ... »(ص ١- ٢) . «وأما الفرقة الاخرى فانها سلكت طريقة العرب فى معرفة الأنواء ومنازل القمر، ومعولهم على ما وجدوه فى الكتب المؤلفة فى هذا المعنى. ووجدنا فى الأنواء كتبا كثيرة، أتمها وأكملها فى فنه كتاب أبى حنيفة الدينورى، فانه يدل على معرفة تامة بالأخبار الواردة عن العرب فى ذلك وأشعارها وأسجاعها فوق معرفة غيره ممن ألفوا الكتب فى هذا الفن. ولا أدرى كيف كانت معرفته بالكواكب على مذهب العرب عيانا، فانه يحكى عن ابن الأعرابى وابن كناسة وغير هما أشياء كثيرة من أمر الكواكب تدل على قلة معرفتهم بها. وإن أبا حنيفة أيضا لو عرف الكواكب،