على كل حال، ما لا يدرك كله، لا يترك كله. عاش ابن قتيبة فى القرن الثالث للهجرة. ولم يبدإ العرب بتدوين علمهم بالأنواء إلا فى أواخر القرن الثانى كما يتّضح من فهرست ابن النديم. فلم يمض عليه نصف قرن إلا وقد توفّر من الكتب فى هذا الموضوع ما يدهش المؤرخ. فنجد تآليف اسم كل واحد منها «كتاب الأنواء» لتسعة قبل ابن قتيبة، ولأربعة عشر ممن ماتوا بعده فى النصف الأول من القرن التالى. وكتب الأنواء الأربعة والعشرون هذه، سوى التى تبحث فى نفس الموضوع بأسماء اخرى مثل «الزبج على سنى العرب» للفزارى (المتوفى ١٨٠) ، وكتاب الأمطار والرياح لما شاء الله اليهودى (م ٣٠٣) ، وكتاب الأزمنة لقطرب (م ٢٠٦) ، وكتاب الأيام والليالى لابن السكّيت (م ٢٤٤) ، وكتب أبى حاتم السجستانى (م ٢٥٥) فى الشتاء والصيف، والحر والبرد، والشمس والقمر، والليل والنهار، إلى غير ذلك مما ذكره ابن النديم. وليتبيّن فرق ما بين كتاب ابن قتيبة فى الأنواء، وكتب المتأخرين الموسومة بنفس العنوان، رأينا أن نورد ههنا صفحة مما قال ابن البنّاء المرّاكشى فى كتابه (ص ٨) :
«شهر أبريل: اسمه بالسريانية، نيسان وعدد أيامه ثلاثون يوما، وبرجه الحمل، ودرّيه الأحمر [أى المريخ] . وله من المنازل النطح [أى الشرطان] والبطين وثلث الثريا. والمتوسط للفجر فيه أول يوم منه إلى ثلاثة عشر يوما منه: الشولة، ثم النعائم إلى آخره مع أوحد من مايه [أى شهر أيار] .