من علم البروج والصور بمعزل وإن كان أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الجبلى يهوّل ويطول فى جميع كتبه، وخاصة فى كتابه فى تفضيل العرب على العجم. وزعم أن العرب أعلم الامم بالكواكب ومطالعها ومساقطها. ولا أدرى أجهل أم تجاهل ما عليه الزراعون والأكرة فى كل موضع وبقعة من علم ابتداء الأعمال وغيرها ومعرفة الأوقات على مثل ذلك. فان من كان السماء سقفه، ولم يكنّه غيرها، ودام عليه طلوع الكواكب وغروبها على نظام واحد، علّق مبادئ أسبابه ومعرفة الأوقات بها. بل كان للعرب ما لم يكن لغيرهم، وهو تخليد ما عرفوه أو حدسوه، حقا كان أو باطلا، حمدا كان أو ذمّا، بالأشعار والارجوزة والأسجاع.
وكانوا يتوارثونها فتبقى عندهم أو بعدهم. ولو تأملتها من كتب الأنواء.
وخاصة كتابه الذى وسمه بعلم مناظر النجوم «١» ومما أوردنا بعضه فى آخر الكتاب، لعلمت أنهم لم يختصوا من ذلك بأكثر مما اختص فلّاحو كل بقعة. ولكن الرجل مفرط فيما يخوض فيه، وغير خال عن الأخلاق الجبلية فى الاستبداد بالرأى. وكلامه فى هذا الكتاب المذكور يدل على إحن وترات بينه وبين الفرس إذ لم يرض بتفضيل العرب عليهم حتى جعلهم أرذل الامم وأخسّها وأنذلها؛ ووصفهم بالكفر ومعاندة الإسلام بأكثر مما وصف الله به الأعراب فى سورة التوبة، ونسب إليهم من القبائح ما لو تفكر قليلا وتذكّر أوائل من فضل عليهم، لكذّب نفسه فى أكثر ما قاله فى الفريقين تفرّطا وتعدّيا» - هـ.