للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كقوله: {يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ} (١). ولا يجوز أن يكون الله سبحانه عنى بقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢)} نظر التفكير والاعتبار؛ لأن الآخرة ليست بدار استدلال واعتبار ولا يجوز أن يكون عني نظر الانتظار؛ لأنه ليس في شيء من أمر الجنة انتظار، لأن الانتظار معه تنقيص وتكوير، وإذا كان كذلك لم يجز أن يكون الله أراد بقوله: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢)}. نظر الانتظار، ولأن النظر إذا ذكر مع ذكر الوجوه فمناه نظر العينين اللتين في الوجه. ولا يجوز أن يكون الله سبحانه أراد نظر التعطف والرحمة، لأن الخلق لا يجوز أن يتعطفوا على خالقهم، فإذا فسدت هذه الأقسام الثلاثة صح القسم الرابع من أقسام النظر، وهو: أن معنى قوله: {إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} أنها رائية ترى الله عز وجل. ومما يدل على ذلك قول الله عز وجل لموسى عليه السلام: {فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي} (٢). فلما كان الله قادراً على أن يجعل الجبل مستقراً كان قادراً على الأمر الذي لو فعله لرآه موسى، فدل ذلك على أن الله قادر على أن يُريَ نفسه عباده المؤمنين، وأنه جائز رؤيته (٣). وقد حرصت على نقل هذا


(١) سورة محمد، آية: ٢٠.
(٢) سورة الأعراف، الآية: ١٤٣.
(٣) انظر الاعتقاد ص ١٢٣ - ١٢٥. وقارن هذا الكلام بما في ص ٤٨٩ من هذه الرسالة.

<<  <   >  >>