للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخلاصة أن مسألة تأثر الأشاعرة بالإبانة تأثراً مباشراً معلناً عنه، فغير موجود بعد بحث واستقصاء بذلتُ فيه الجهد والطاقة إلا عند البيهقي وكفى به إمام، ولكن تأثيرها غير المباشر ومنهج مؤلفها فظاهر في عامة ما يذكره أبرز أتباعه، وهو القاضي أبو بكر الباقلاني رحمه الله، أما عامة أتباع الأشعري فهم يخالفون شيخهم في كثير من الأمور، فيؤولون صفات الأفعال ويؤول علو الله بأنه علو المكانة والقدر، وكونه بالسماء، فهو بمعنى القهر والتدبير (١). ومن أولئك: ابن فُورك، حيث خالف شيخه في الكثير من المسائل، مما يؤكد عدم تأثره بها، أو أنه اطلع عليها فأعرض عنها، لأنه يميل إلى النفي في مسألة الاستواء ونحوها، فكان هواه في النفي يمنعه من تتبع ما جاء في الإثبات (٢). ولم تختلف آراء عامة الأشاعرة، أو تخرج عما سلكه ابن فورك، مما يدل على عدم تأثيرها عليهم. ولذا أدعو عامة الأشاعرة إذا كانوا حقاً ينتسبون لهذا الإمام فعليهم أن يثبتوا ذلك بالاعتماد على آخر ما سَطَّر. أو يدعوا بالانتساب إليه ظلماً وزوراً، بل وصل الحال ببعضهم إلى التجهُّم والاعتزال ولا حول ولا قوة إلا بالله.


(١) انظر مشكل الحديث ص ٧٤ - ٨٥.
(٢) انظر بيان التلبيس ١/ ١٤٥ باختصار.

<<  <   >  >>