للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رائيًا للأشياء كان رائياً لنفسه. فإذا (١) كان رائياً لها فجائز أن يرينا نفسه. كما أنه لما كان عالماً بنفسه جاز أن يعلمناها. وقد قال الله تعالى: {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} (٢) فأخبر أنه سمع كلامهما ويراهما. ومن زعم أن الله عز وجل لا يجوز أن يُرى بالأبصار يلزمه أنْ لا يجوز أن يكون الله عز وجل رائياً، ولا عالماً، ولا قادراً، لأن العالم القادر الرائي جائز أن يرى.

١٨ - فإن قال قائل: قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «ترون ربكم» يعني تعلمون ربكم اضطراراً.

قيل له: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه هذا على سبيل البشارة، فقال: فَكَيْفَ بكم إذا رأيتم الله عز وجل. ولا يجوز أن يبشرهم بأمر بشر فيه (٣) الكفار، على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «ترون ربكم» وليس يعني رؤية دون رؤية بل ذلك عام في رؤية العين ورؤية القلب.

١٩ - دليل آخر: إن المسلمين اتفقوا على أن الجنة «فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر» (٤) من العيش السليم والنعيم المقيم. وليس نعيم في الجنة أفضل من رؤية الله عز وجل


(١) في ب، وإذا
(٢) سورة طه، جزء من آية: [٤٦].
(٣) في ب بشيركم، وفي د. و يشركهم فيه.
(٤) تقدم تخريجه انظر ص (٤٨٥).

<<  <   >  >>