للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكيف يكون ذلك كذلك؟ وهذا يوجب أن التوحيد لم يكن شهد (١) به شاهد قبل الخلق، ولو استحالت الشهادة بالوحدانية قبل كون الخلق لاستحال إثبات التوحيد ووجوده، وأن يكون واحداً قبل الخلق، (لأن ما تستحيل الشهادة عليه لمستحيل (٢). وإن كانت شهادته لنفسه بالتوحيد قبل الخلق) (٣) فقد بطل أن يكون كلام الله عز وجل مخلوقاً [لأن كلام الله شهادته] (٤).

١٨ - دليل آخر: ومما يدل على بطلان [قول] (٥) فرق (٦) الجهمية، وأن القرآن كلام الله غير مخلوق: أن أسماء الله من القرآن، وقد قال عز وجل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢)} (٧) ولا يجوز أن يكون اسم ربك الأعلى الذي خلق فسوى مخلوقاً. [كما لا يجوز أن يكون جد ربنا (٨) مخلوقاً، قال الله تعالى في سورة الجن: {وَأَنَّهُ تَعَالَى


(١) في ب شهد به شاهد له وفي و يشهد له شاهده.
(٢) ب. فمستحيل.
(٣) ما بين القوسين ساقط من و.
(٤) ما بين القوسين زيادة من و. وفي ج. هـ. لا كلام شهادته. وهذا تصحيف وفي د. رأه الله شهادته.
(٥) ما بين القوسين زيادة من. ب. د. و.
(٦) ساقط من ب. د. و.
(٧) سورة الأعلى، آية: [١ - ٢].
(٨) قوله تعالى: {جد ربنا} معناها كما قال ابن جرير -رحمه الله-: وأولى الأقوال عندنا بالصواب قول من قال: عني بذلك: تعالت عظمت ربنا وقدرته وسلطانه. وإنما قلنا بذلك؛ لأن للجد في كلام العرب معنيين:
أ- أحدهما الجد الذي هو أب الأب، أو أب الأم، وذلك غير جائز أن يصفه به هؤلاء النفر الذين قال الله عنهم بأنهم قالوا: {فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} ومن وصف الله بأن له ولداً أو جداً هو أبو أب أو أبو أم فلا شك أنه من المشركين.
ب- ثانيهما والمعنى الآخر: الجد الذي بمعنى الحظ؛ يقال: فلان ذو جد في هذا الأمر: إذا كان له حظ فيه، وهو الذي يقال له بالفارسية البخت، وهذا المعنى الذي قصده هؤلاء النفر من الجن بقولهم: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا} إن شاء الله. وإنما عنوا أن حظوته من الملك والسلطان والقدرة والعظمة عالية فلا يكون له صحبةٌ ولا ولد. انظر: تفسير ابن جرير سورة الجن آية (٣) ١٢/ ٢٦٠ أثر (٣٥٠٦١) بتصرف يسير.

<<  <   >  >>