للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= واستعنا بالله، ونظرنا في كتاب الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أ- اعلم أن الشيئين إذا اجتمعا في اسم يجمعهما فكان أحدهما أعلى من الآخر، ثم جرى عليهما اسم مدح، فكان أعلاهما أولى بالمدح وأغلب عليه، وإن جرى عليه اسم ذم فأدناهما أولى به، ومن ذلك قول الله تعالى في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحج: ٦٥)، {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} {الإنسان: ٦} يعني الأبرار دون الفجار، فإذا اجتمعوا في اسم الإنسان، واسم العباد، فالمعنى في قول الله جل ثناؤه: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} {الإنسان: ٦}، يعني الأبرار دون الفجار، لقوله إذا انفرد الأبرار: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} (الانفطار: ١٣)، وإذا انفرد الفجار: {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} {الانفطار: ١٤}.
ب- وقوله {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} {الحج: ٦٥} فالمؤمن أولى به، وإن اجتمعا في اسم الناس؛ لأن المؤمن إذا انفرد أُعطي المدحة لقوله: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} {الحج: ٦٥} {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} {الأحزاب: ٤٣}، وإذا انفرد الكفار جرى عليهم الذم في قوله: {أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} {هود: ١٨} وقال: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} {المائدة: ٨٠}. فهؤلاء لا يدخلون في الرحمة.
جـ - وفي قوله تعالى: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} {الشورى: ٢٧}، فاجتمع الكافر والمؤمن في اسم العبد، والكافر أولى بالبغي من المؤمنين؛ لأن المؤمنين انفردوا ومدحوا فيما بسط لهم من الرزق، وهو قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا} {الفرقان: ٦٧}، وقوله: {وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} {البقرة: ٣}، وقد بسط الرزق لسليمان بن داود، ولذي القرنين، وأبي بكر، وعمر، ومن كان على مثالهم ممن بسط له فلم يبغِ. وإذا انفرد الكافر وقع عليه اسم البغي في قوله لقارون: {فَبَغَى عَلَيْهِمْ} {القصص: ٧٦}، ونمرود بن كنعان =

<<  <   >  >>