(٢) سورة الزمر، جزء من آية: [٢٨]. (٣) وقد أجاب الإمام أحمد - رحمه الله - على احتجاجهم بقوله: وزعم - الجهمي - أن "جعل" بمعنى "خلق} فكل مجعول هو مخلوق، فادعى كلمة من الكلام المتشابه يحتج بها من أراد أن يلحد في تنزيله، ويبتغي الفتنة في تأويلها، وذلك أن "جعل" في القرآن من المخلوقين على وجهين: على معنى التسمية، وعلى معنى فعل من أفعالهم. وقوله: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: ٩١]. قالوا: هو شعر وأنباء الأولين، وأضغاث أحلام، فهذا على معنى التسمية. قال {وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا} [الزخرف: ١٩]. يعنى أنهم سموهم إناثا. ثم ذكر "جعل" على معنى التسمية فقال: {يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ} [البقرة: ١٩]. فهذا على معنى فعل من أفعالهم. وقال: {حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا} [الكهف: ٩٦] هذا على معنى فعل فهذا جعل المخلوقين، ثم جعل من أمر الله على معنى خلق لايكون إلا خلقاً، ولا يقوم إلا مقام = = خلق خلقاً لا يزول عند المعنى - وإذا قال الله "جعل" على غير معنى خلق، لا يكون خلقاً، ولا يقوم مقام خلق، ولا يزول عنه المعنى فمما قال الله "جعل" على معنى " خلق" قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١] يعني وخلق الظلمات والنور، وقال: {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [النحل: ٧٨]، يقول {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ} وقال: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ} [الإسراء: ١٢]، ويقول: وخلقنا الليل والنهار آيتين. وقال: {وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا} [نوح: ١٦]، وقال: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} [الأعراف: ١٨٩]، =