للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= يقول: خلق منها زوجها. يقول: وخلق من آدم حواء. وقال: {وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ} [النمل: ٦١]، يقول: وخلق لها رواسي، ومثله في القرآن كثير، فهذا وما كان مثله لا يكون إلا على معنى خلق. ثم ذكر "جعل" على غير معنى خلق، قوله: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ} [المائدة: ١٠٣] لا يعنى: ما خلق الله من بحيرة ولا سائبة. وقال الله لإبراهيم: {قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا} [البقرة: ١٢٤] لا يعنى إني خالق للناس إماماً؛ لأن خلق إبراهيم كان متقدماً. وقال إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا} [إبراهيم: ٣٥]، وقال إبراهيم: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} [إبراهيم: ٤٠]. لا يعني: اخلقني مقيم الصلاة. وقال: {يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ} [آل عمران: ١٧٦]، وقال لأم موسى: {إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: ٧]. لا يعنى: وخالقوه من المرسلين، لأن الله وعد أم موسى أن يرده إليها، ثم يجعله بعد ذلك رسولاً. وقال: {وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ} [الأنفال: ٣٧]. وقال: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}، [القصص: ٥]. وقال: {فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} [الأعراف: ١٤٣]، لا يعني: وخلقه دكا. ومثله في القرآن كثير. فهذا وما كان على مثاله لا يكون على معنى خلق، فإذا قال الله "جعل" على معنى خلق، وقال "جعل" على غير معنى خلق، فبأي حجة قال الجهمي: جعل على معنى خلق؟ فإن رد الجهمي الجعل إلى المعنى الذي وصفه الله فيه، وإلا كان من الذين يسمعون كلام الله، ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه، وهم يعلمون. فلما قال الله: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}، [الزخرف: ٣]، وقال: {لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (١٩٤) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ}، [الشعراء: ١٩٤، ١٩٥]، وقال: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ}، [مريم: ٩٧]، فلما جعل الله القرآن عربياً ويسره بلسان نبيه صلى الله عليه وسلم كان ذلك فعلاً من أفعال الله تبارك وتعالى. جعل القرآن به عربياً يعني: هذا بيان مبين لمن أراد هداه الله، وليس كما زعموا معناه: أنزلناه بلسان العرب. وقيل: بيناه. الرد على الجهمية والزنادقة ص ١٠٢ - ١٠٥.
(ب) - وقال ابن كثير في تفسير الآية: أي أنزلناه بلغة العرب كي تفهمونه وتتدبرونه كما قال تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} عند تفسيره للآية (١٩٥) من سورة الشعراء.
(جـ) - وقال أبو جعفر النحاس في بيان معنى الآية: أي بيناه. انظر: معاني القرآن الكريم للنحاس ص ٦/ ٣٣٣

<<  <   >  >>