الوجه الثالث: ذكر ابن تيمية علة أخرى، وهي أن ابن فورك وذويه، كانوا يميلون إلى النفي في مسألة الاستواء ونحوها، وقد نقل عن ابن كُلاب كلاماً فتصرف في كلامه تصرفاً، لذا كان هواه في النفي يمنعه من تَتَبُّعِ ما جاء في الإثبات من كلام أئمته وغيرهم، ولذا نقل عن الأشعري كلاماً زاد فيه ونقص. وفعله هذا سببه أنه يظن أن هذا هو الحق، وقد رأيت في مصنفات من ينقلون عن الأئمة شيئاً لم ينقله أحد عنهم لاعتقادهم أنه حق، فهذا أصل ينبغي أن يعرف (١). فابن فورك لم يذكر الإبانة لأنها من كتب الإثبات التي تخالف منهجه التأويلي.
الوجه الرابع: ظهر لي بعد تحقيق الإبانة اتفاق عامة النساخ على عامة ما ورد فيها، لا من حيث الترتيب، ولا من حيث الأبواب والمسائل والأجوبة والألفاظ، وإنما الخلاف في الغالب لا يتعدى أمور لا علاقة لها في صلب الموضوع. ومن أمثلة ذلك: أن غالب الفروق لا تعدو أن يصلي الناسخ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبعضهم يورد النبي من غير الصلاة عليه، وقد يحدث العكس وهو الغالب، وهناك من يصلي عليه في موضع ولا يصلي عليه في موضع آخر، وكذلك الترضي