للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العلم والقدرة والسمع والبصر (١).


(١) قال شيخ الإسلام معقباً بعد هذه العبارة بأن حقيقتهم القرمطة في السمعيات والسفسطة في العقليات، فهؤلاء بمنزلة الملاحدة من الوجهين، الوجه الاول: إقرارهم بلفظٍ مع جحدهم بحقيقة معناه، كما هو عادة القرامطة الباطنية في تحريف الكلم عن مواضعه، وكما ذكره الأشعري عن المعتزلة وهو النفاق في القرآن، وهو من الإلحاد في أسماء الله وآياته. الوجه الثاني: السفسطة في العقليات من وجوه منها نفيهم للنقيضين جميعاً بقولهم ليس بعالم ولا جاهل، ولاحي ولا ميت، ولا قادر ولا عاجز. انظر بيان تلبيس الجهمية (٥/ ٢٨٣ ـ ٢٨٤)، وقال - أيضاً - عقب هذا الموضع: فكلام السلف والأئمة كثير مشهور في أن الجهمية ــ وهم أول من نفى الجسم وملازمه في الإسلام ــ إنما هم معطلون في الحقيقة، وإنما يظهرون الإقرار نفاقاً ومدار أمرهم على التعطيل كما ذكره البخاري ــ في خلق أفعال العباد ــ وغيره من الأئمة. عن وكيع بن الجراح الإمام أنه قال: " لاتستخفوا بقولهم القرآن مخلوق، فإنه من شر قولهم إنما يذهبون - بهذا القول - إلى التعطيل" انظر بيان تلبيس الجهمية (٥/ ٣٦٥ ـ ٣٦٦). قلت: ومعنى قوله:
(أ) - يسفسطون في العقليات أي يقفون في العقليات موقف أهل السفسطة منها، وهو المكابرة والإنكار، والسفسطة هي: نفي الحقائق الثابتة، مع العلم بها تمويهاً ومغالطةً نسبة إلى السفسطائية، وهم جماعة من فلاسفة اليونان زعيمهم بروتا جوراس ونظريته تقوم على أنه ليس هناك وجود خارجي مستقلٍ عما في أذهاننا، فما يظهر للشخص أنه حقيقة يكون هو الحقيقة له، فإذا رأى السراب ماء فهو عنده حقيقة ماء، إذا هي فرقة تنكرالمحسوسات ووجهة سفسطة هذه الطوائف أنهم جحدوا معاني نصوص الصفات مع علمهم بمادلت عليه تلك النصوص من المعاني المعروفة لغة وشرعاً كقولهم: =

<<  <   >  >>