(ب) - ومعنى قوله يقرمطون في السمعيات: أي: يفعلون في السمعيات فعل القرامطة، ويسلكون مسلكهم في تفسيرهم النص بمعنى يخالف ماهو مقتضى لفظه فيلعبون بمعانيه ويصرفونها عن ظاهرها إلى معانٍ أخرى، لايحتملها اللفظ ولا يدل عليها السياق. فيجعل للنص ظاهراً وباطناً كي يتمشى مع مذهبهم الباطل. … = = والخلاصة أن السفوفسطائين ثلاث طوائف: الأولى: وتسمى: «العِنْدية» من كلمة «عِنْد» وهي ترى أن الحقيقة متعددة، وليست واحدة. وكل إنسان يرى الحقيقة كما يشاء. فإذا قال أحد: حقيقة النار أنها محرقة. وقال آخر: النار عندي باردة، وقال ثالث: لا محرقة ولا باردة. وكانت كل هذه الأقوال حقائق. لأن حقيقة النار عند الأول تختلف عنها عند الثاني، تختلف عنها عند الثالث. وكلها حقائق يجب عند «العندية» التسليم بها. فالحقيقة عند أحد، تختلف عنها عند آخر. ولذلك هم يقرنون ذكر الحقيقة بـ «عند» فيقول أحدهم: حقيقة الثلج عندي أنه حار، ويقول آخر: لكن حقيقته عندي أنه بارد. الثانية: العِنَادية: من العناد والمغالطة والمكابرة. وهؤلاء ينكرون حقائق الأشياء. ويقررون أنه لا توجد حقيقة، فإذا وجدت استحال أن يدركها أحد، وإن أدركها أحد استحال أن ينقل العلم بها إلى الآخر. فهي ثلاث قضايا يتمسكون بها. ١ - محال أن توجد حقيقة. ٢ - إن وجدت فمحال أن يدركها أحد. ٣ - إن أدركها أحد محال أن يعرف بها الآخرين. الثالثة: اللاَّأَدْرِيّة: من كلمة «لا أدري». وهي فرقة تنكر كل شيء وتتخفى وراء كلمة لا أدري. فإن قلت لأحدهم: هل النار محرقة؟ قال: لا أدري. هل أنت إنسان أم حصان؟ قال: لا أدري. هل أنت حيّ أم ميت؟ قال: لا أدري .. وبذلك تضيع الحقيقة والحقوق. فإذا اقترض منك أحد مبلغاً من المال. ثم ذهبت تطالبه قال لا أدري. هل اقترضت من؟ قال: لا أدري. هل رددت المبلغ أم لا قال: لا أدري. انظر للمزيد التحفة المهدية (٥٨ ــ ٥٩) ومجموع الفتاوى (١٩/ ١٣٥)، وشرح الرسالة التدمرية (ص ٩٥)، والأجوبة المرضية لتقريب التدمرية (ص ٥١).