وقد مثل ابن القيم - رحمه الله - التوفيق وعدمه أو اللطف وعدمه؛ بملك أرسل إلى أهل بلد من بلاده رسولاً وكتب معه إليهم كتاباً يعلمهم أن العدو مصبّحهم عن قريب، ومجتاحهم ومخرب البلد، ومهلك من فيها. وأرسل إليهم أموالاً ومراكب وزاداً وعدة وأدلة وقال: ارتحلوا مع هؤلاء الأدلة، وقد أرسلت إليكم جميع ما تحتاجونه، ثم قال لجماعة من مماليكه: اذهبوا إلى فلان وفلان فخذوا بأيديهم ولا تذروهم يقعدون، وذروا من عداهم. فإنهم لا يصلحون أن يساكنوني في بلدي، فذهب خواص مماليكه إلى من أمروا بحملهم، فلم يتركوهم يقرون، بل حملوهم وساقوهم إلى الملك فاجتاح العدو من بقي في المدينة وقتلهم، وأسر من أسر. فهل يعد الملك ظالماً لهؤلاء أم عادلاً فيهم؟ نعم. خص أولئك بإحسانه وعنايته وحرمها من عداهم؛ إذ لا يجب عليه التسوية بينهم في فضله وإكرامه؛ بل ذلك فضله يؤتيه من يشاء. مدارج السالكين ج ١ ص ٤١٥. فعلى ذلك: اللطف عند أهل السنة، إنما هو فضل من الله يؤتيه من شاء من عباده بسببه يتجه إلى الخير، ويبتعد وينجو من كل شر. والله أعلم. انظر: المعتزلة وأصولهم الخمسة ص ١٩٧.