للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكذلك (١) لا يلزمنا ما سألتم عنه. على أنكم ناقضون لأصولكم؛ لأنه إن كان من كان الشر منه فهو شر من الشر، وقد خلق الله عز وجل إبليس (٢) الذي هو شر من الشر الذي يكون منه، فقد خلق ما هو شر من الشرور كلها، وهذا نقض دينكم وفساد مذهبكم.

٣٤ - مسألة في الهدى (٣): يقال للمعتزلة: أليس قد قال الله عز


(١) في ب. و. فلذلك.
(٢) ساقط من. و.
(٣) وأما مسألة الهدى والضلال فأهل السنة والجماعة متفقون على أن غير الله لا يقدر على جعل الهدى والضلال في قلب أحد لقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: ٥٦] ولقوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة: ٢٧٢]. انظر في مسألة الإجماع أصول الاعتقاد للالكائي ٣/ ٧٢٥ ودرء تعارض العقل والنقل لشيخ الإسلام ٨/ ٣٧٩ ورسالة أهل الثغر ص ٢٤٠. والحاصل أن هداية الشخص إلى الإيمان وتوفيقه إلى ما فيه خير له فهذه بيد الله لا يملكها أحد من البشر، لا ملك مقرب ولا نبي مرسل لقوله تعالى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا}، [يونس: ٧٩]. وهناك هداية وضلالة في الدلالة والتوجيه فهذه بيد المخلوق يوجه غيره ويدله إلى ما يراه ويعتقده لقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢) صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: ٥٢ - ٥٣]، والهداية قسمان: هداية البيان والإرشاد، وهذه عامة لجميع الناس مؤمنهم وكافرهم لقوله تعالى: {هُدًى لِلنَّاسِ} وهداية التوفيق والسداد، وهذه خاصة بأهل الإيمان لقوله - تعالى -: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}. انظر شرح الرسالة التدمرية ص ٢١١، بشرح الشيخ عبدالرحمن البراك.

<<  <   >  >>